لطالما واجهت البشرية خطر الأمراض المعدية، تلك التي حصدت أرواح الملايين وتركت ندوبًا عميقة على مسار التاريخ. إلا أن العلم، في سياقه الدؤوب لمكافحة هذه الآفة، قدّم لنا سلاحًا فريدًا: اللقاحات.
تُعدّ اللقاحات بمثابة درعٍ واقٍ يحمينا من مسببات الأمراض المعدية، وذلك من خلال تعريض جهاز المناعة لمسببات الأمراض المُضعفة أو أجزائها، مما يُحفّزه على تكوين مناعة وقائية ضدّ تلك الأمراض.
وتتنوع أنواع اللقاحات المستخدمة حاليًا، بدءًا من تلك التي تُعطى للأطفال في سن مبكرة، مرورًا بتلك التي تُستخدم للوقاية من أمراض محددة تصيب البالغين، ووصولًا إلى اللقاحات الحديثة التي تُساهم في مكافحة بعض أنواع السرطان.
في هذه المقالة، سنلقي الضوء على بعضٍ من أهمّ أنواع اللقاحات المستخدمة، ونستعرض آلية عملها وفوائدها، ونُناقش بعض المخاوف الشائعة حول سلامتها وفعاليتها.
هدفنا: أن نُزوّدك بمعلومات موثوقة تُساعدك على اتخاذ قراراتٍ واعية بشأن صحتك وصحة عائلتك.
1 -اللقاحات الحية الموهنة: حماية فعالة من خلال كائنات حية مُضعفة
تُعدّ اللقاحات الحية الموهنة إحدى ركائز الطب الوقائي، حيث تُساهم بشكلٍ فاعل في مكافحة العديد من الأمراض المُعدية الخطيرة. وتتميز هذه اللقاحات عن غيرها باحتوائها على نسخ حية من مسببات الأمراض، ولكن يتم إضعافها بشكلٍ مُتقن يجعلها غير قادرة على التسبب بالمرض الكامل.
آلية العمل:
عند إعطاء اللقاح الحي المُوهن، يتعرّض الجسم لنسخة مُضعفة من الميكروب، ممّا يُحفّز الجهاز المناعي على إنتاج استجابة مناعية قوية ودائمة. وبفضل هذه الاستجابة، يصبح الجسم قادرًا على التعرف على الميكروب المُسبّب للمرض ومكافحته بفعالية في حال التعرض له لاحقًا.
مميزات اللقاحات الحية الموهنة:
- فعالية عالية: تُوفّر اللقاحات الحية الموهنة حمايةً مناعية قوية ودائمة ضد الأمراض المُستهدفة، ممّا قد يُغني عن الحاجة إلى جرعات متكررة من اللقاح.
- سهولة الاستخدام: يمكن إعطاء بعض اللقاحات الحية الموهنة عن طريق الفم، ممّا يجعلها سهلة الاستخدام ومناسبةً للأطفال بشكلٍ خاص.
- فعالية ضد سلالات مختلفة: تُوفّر بعض اللقاحات الحية الموهنة حمايةً ضد سلالات متعددة من نفس الميكروب، ممّا يُقلّل من خطر الإصابة بالعدوى.
أمثلة على اللقاحات الحية الموهنة:
- لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR): يُحمي من الإصابة بمرض الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
- لقاح الجدري: يُحمي من الإصابة بمرض الجدري.
- اللقاح الفموي لشلل الأطفال : يُحمي من الإصابة بشلل الأطفال.
موانع استخدام اللقاحات الحية الموهنة:
- الأشخاص ذوو المناعة المُضعفة: قد لا تكون اللقاحات الحية الموهنة آمنة للأشخاص ذوي المناعة المُضعفة، مثل مرضى السرطان أو زارعي الأعضاء.
- الحوامل: لا ينصح بإعطاء بعض اللقاحات الحية الموهنة للنساء الحوامل.
إذاً اللقاحات الحية الموهنة هي أداة فعّالة لحماية الأفراد والمجتمعات من الأمراض المُعدية الخطيرة.
2 -اللقاحات المعطلة: حماية فعالة من الأمراض المعدية
اللقاحات المعطلة هي نوع من اللقاحات تحتوي على نسخ مُعطّلة من مسببات الأمراض، مثل الفيروسات أو البكتيريا. هذه النسخ لا يمكنها التكاثر داخل الجسم، ولا تسبب المرض، لكنها تُحفزّ الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة لمكافحتها.
مميزات اللقاحات المعطلة:
- فعالة وآمنة: أثبتت اللقاحات المعطلة فعاليتها وأمانها على مرّ السنين، حيث ساهمت بشكل كبير في الحدّ من انتشار العديد من الأمراض المعدية الخطيرة.
- مناسبة لبعض الفئات: تُعدّ اللقاحات المعطلة خيارًا مناسبًا للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، أو الذين لا يُمكنهم تلقي اللقاحات الحية المُضعّفة.
- لا تُسبب عدوى: لا يمكن للنسخ المُعطّلة من مسببات الأمراض في هذه اللقاحات أن تُسبب عدوى للمُتلقي.
أمثلة على اللقاحات المعطلة:
- لقاح التهاب الكبد B: يُساعد على الوقاية من عدوى فيروس التهاب الكبد B، الذي قد يُسبب تلفًا في الكبد وسرطانًا.
- لقاح الإنفلونزا: يُساعد على الوقاية من عدوى فيروس الإنفلونزا، الذي يُسبب أعراضًا شبيهة بالبرد مثل السعال والحمى.
- لقاح الخناق والكزاز والسعال الديكي: يُساعد على الوقاية من ثلاثة أمراض خطيرة: الخناق، الذي يُصيب الجهاز التنفسي، والكزاز، الذي يُسبب تيبسًا في العضلات، والسعال الديكي، الذي يُسبب نوبات سعال شديدة.
ختامًا، تُعدّ اللقاحات المعطلة أداةً فعالةً وآمنةً للوقاية من العديد من الأمراض المعدية.
3 -اللقاحات الوحدوية
تُعتبر اللقاحات الوحدوية نوعًا من اللقاحات تحتوي على أجزاء محددة من مسببات الأمراض، سواء كانت كائنات حية ضعيفة أو مُقتولة، أو حتى سمومها المُضعفة. وتهدف هذه اللقاحات إلى تحفيز جهاز المناعة في الجسم على تكوين مناعة ضد هذه الأجزاء المُحددة فقط، مما يمنح الجسم حماية فعّالة ضد الأمراض المُسببة لها.
آلية عمل اللقاحات الوحدوية:
عند إعطاء لقاح وحدوي للشخص، يتعرّف جهاز المناعة على الأجزاء المُقدمة له من مسببات الأمراض كأجسام غريبة. ويبدأ الجسم بإنتاج أجسام مضادة وخلايا مناعية مُتخصصة لمحاربة هذه الأجزاء. وبما أن هذه الأجزاء تمثل جزءًا محددًا فقط من مسببات الأمراض، فإن جهاز المناعة يتعلم التعرف على هذا الجزء فقط ويستهدفّه عند التعرض للكائن الحي المُسبب للمرض بشكل كامل في المستقبل.
أمثلة على اللقاحات الوحدوية:
تُعدّ العديد من اللقاحات الشائعة من نوع اللقاحات الوحدوية، ونذكر منها:
- لقاح المكورات الرئوية: يُستخدم لحماية الأطفال والبالغين من الإصابة بالتهاب الرئتين والتهاب السحايا والتهاب الأذن الوسطى، ويحتوي على 13 نوعًا من سلالات البكتيريا المكوَّرة الرئوية.
- لقاح التهاب السحايا النسائية: يُستخدم لحماية الفتيات والنساء من الإصابة بالتهاب السحايا النسائية، ويحتوي على سموم مُضعفة للبكتيريا المسببة للمرض.
- لقاح الكزاز: يُستخدم لحماية الأشخاص من الإصابة بالكزاز، ويحتوي على سموم مُضعفة للبكتيريا المسببة للمرض.
- لقاح الدفتيريا: يُستخدم لحماية الأشخاص من الإصابة بالدفتيريا، ويحتوي على سموم مُضعفة للبكتيريا المسببة للمرض.
- لقاح الكلَب: يُستخدم لحماية الأشخاص من الإصابة بداء الكلب، ويحتوي على فيروس مُضعف لمرض السعار.
مزايا اللقاحات الوحدوية:
- فعالية عالية: تُعدّ اللقاحات الوحدوية فعالة للغاية في تحفيز جهاز المناعة على تكوين مناعة ضد الأجزاء المُحددة من مسببات الأمراض التي تحتويها.
- أمان نسبي: تُعتبر اللقاحات الوحدوية آمنة نسبيًا، حيث أن الآثار الجانبية لها عادةً ما تكون خفيفة ومؤقتة.
- سهولة الاستخدام: تُعطى اللقاحات الوحدوية عادةً عن طريق الحقن في العضل أو تحت الجلد.
عيوب اللقاحات الوحدوية:
- قد لا تُوفر حماية شاملة: قد لا تُوفر بعض اللقاحات الوحدوية حماية شاملة ضد جميع أنواع مسببات الأمراض.
- قد تتطلب جرعات متعددة: قد تتطلب بعض اللقاحات الوحدوية جرعات متعددة لتحقيق المناعة الكاملة.
بشكل عام، تُعدّ اللقاحات الوحدوية أداة فعّالة وآمنة لحماية الأفراد من مختلف الأمراض المُعدية.
4 -اللقاحات المُقترنة: حماية شاملة ضد أمراض متعددة
تُعدّ اللقاحات المُقترنة إنجازًا علميًا هامًا في مجال الطب الوقائي، حيث تُتيح هذه اللقاحات حمايةً فعّالة ضدّ مجموعة من الأمراض المُعدية في جرعة واحدة. وتعتمد فكرة عمل هذه اللقاحات على ربط مولدات ضدّ ضعيفة لمسببات الأمراض ببروتين حامل قوي، مما يُحفّز الجهاز المناعي على إنتاج استجابة مناعية قوية ضدّ جميع مكونات اللقاح.
وتُعدّ هذه اللقاحات ضروريةً بشكل خاصّ للأطفال، ممّا يُساهم في تقليل عدد الحقن المطلوبة وتخفيف حدة الخوف من التطعيم.
ومن الأمثلة البارزة على اللقاحات المُقترنة:
- لقاح الخناق والكزاز والسعال الديكي مع لقاح المستدمية النزلية من النوع ب: يُقدم هذا اللقاح حمايةً ضدّ أربعة أمراض خطيرة تُصيب الجهاز التنفسي.
- لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية مع لقاح الجدري: يُوفّر هذا اللقاح حمايةً ضدّ أربعة أمراض فيروسية مُعدية تُسبّب مضاعفات خطيرة.
وتُستخدم تقنية اللقاحات المُقترنة أيضًا في تطوير لقاحات جديدة ضدّ أمراض مثل الملاريا والسالمونيلا.
وتُعدّ اللقاحات المُقترنة آمنةً وفعّالةً بشكل عام، ممّا يجعلها خيارًا مثاليًا لحماية الأطفال والكبار من مجموعة واسعة من الأمراض المُعدية.
ميزات اللقاحات المُقترنة:
- توفير حماية شاملة ضدّ أمراض متعددة في جرعة واحدة.
- تقليل عدد الحقن المطلوبة.
- تخفيف حدة الخوف من التطعيم.
- المساهمة في تحسين صحة المجتمع.
5 -لقاحات الرنا المرسال: ثورة تقنية في مجال المناعة
تُمثل لقاحات الرنا المرسال (mRNA) جيلًا جديدًا وواعدًا في عالم اللقاحات، حيث تعتمد على تقنية مبتكرة تُدخل تعليمات جينية مُشفّرة داخل جزيئات الرنا المرسال إلى خلايا الجسم. هذه التعليمات الجينية تُحفّز الخلايا على إنتاج بروتينات محددة لمسببات الأمراض، ممّا يُمكّن جهاز المناعة من التعرف على هذه البروتينات وتكوين استجابة مناعية فعّالة ضدّها.
آلية عمل لقاحات الرنا المرسال:
- إدخال تعليمات جينية: تُحقن جزيئات الرنا المرسال المُغلفة داخل حويصلات دهنية مجهرية (جسيمات شحمية) في عضلات الجسم.
- امتصاص الخلايا: تُمتصّ الخلايا العضلية جزيئات الرنا المرسال.
- ترجمة التعليمات: داخل الخلايا، تُترجم آلية الترجمة في الخلية تعليمات الرنا المرسال إلى بروتينات محددة لمسببات الأمراض.
- تقديم البروتينات: تُعرض هذه البروتينات على سطح الخلايا، ممّا يُحفّز جهاز المناعة على التعرف عليها كأجسام غريبة.
- تكوين استجابة مناعية: ينتج جهاز المناعة خلايا المناعة التائية والخلايا البائية، التي تُنتج أجسامًا مضادة مُخصصة لمهاجمة البروتينات المُستهدفة والقضاء على مسببات الأمراض.
مميزات لقاحات الرنا المرسال:
- سرعة التصنيع: تُتيح تقنية الرنا المرسال تصنيع اللقاحات بسرعة وسهولة أكبر مقارنةً باللقاحات التقليدية.
- دقة الاستهداف: تُصمّم لقاحات الرنا المرسال لتُنتج بروتينات محددة بدقة عالية، ممّا يُقلّل من خطر حدوث آثار جانبية غير مرغوب فيها.
- فعالية واسعة: أثبتت لقاحات الرنا المرسال فعالية عالية في مكافحة العديد من الأمراض، بما في ذلك COVID-19.
- إمكانيات واسعة: تُتيح تقنية الرنا المرسال إمكانيات واسعة لتطوير لقاحات جديدة ضدّ مختلف الأمراض، بما في ذلك السرطان والأمراض المُزمنة.
أمثلة على لقاحات الرنا المرسال:
- لقاح فايزر-بيونتيك: تمّت الموافقة على هذا اللقاح للاستخدام الطارئ ضدّ COVID-19 من قبل العديد من الهيئات التنظيمية الدولية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية.
- لقاح موديرنا: تمّت الموافقة على هذا اللقاح أيضًا للاستخدام الطارئ ضدّ COVID-19 من قبل العديد من الهيئات التنظيمية الدولية.
ختامًا: تُمثل لقاحات الرنا المرسال ثورة تقنية واعدة في مجال المناعة، حيث تُتيح إمكانيات واسعة لتطوير لقاحات فعّالة وآمنة ضدّ مختلف الأمراض. مع استمرار الأبحاث والتطوير، من المتوقع أن تلعب هذه اللقاحات دورًا هامًا في حماية الصحة العامة في المستقبل.
6 -اللقاحات الناقلية
تُعدّ اللقاحات أدواتٍ طبيةً أساسيةً في الوقاية من الأمراض المعدية. وتعمل هذه اللقاحات على تنشيط جهاز المناعة لدى الإنسان لمكافحة مسببات الأمراض دون الحاجة إلى الإصابة بالمرض نفسه.
ما هي اللقاحات الناقلية؟
تُعدّ اللقاحات الناقلية نوعًا خاصًا من اللقاحات تُوظّف فيها فيروسًا ناقلًا ضعيفًا لحمل جينٍ مُشفّرٍ للإنزيم أو البروتين الخاص بمسبب المرض. وبمجرد دخول الفيروس الناقل إلى الجسم، يقوم بتحفيز جهاز المناعة على إنتاج أجسام مضادة تستهدف مسبب المرض، مما يُوفّر حمايةً فعّالةً ضدّ العدوى.
آلية عمل اللقاحات الناقلية:
- التحضير: يتمّ تحضير الفيروس الناقل عن طريق إزالة جيناته المسببة للمرض وتثبيت جينٍ مُشفّرٍ للإنزيم أو البروتين الخاص بمسبب المرض.
- التطعيم: يتمّ إعطاء اللقاح للشخص المستهدف، إما عن طريق الحقن أو عن طريق الفم.
- التحفيز المناعي: يدخل الفيروس الناقل إلى الخلايا المُضيفة، حيث يقوم بتحفيزها على تصنيع بروتين مسبب المرض.
- استجابة المناعة: يقوم جهاز المناعة بالتعرف على بروتين مسبب المرض، ويقوم بإنتاج أجسام مضادة تستهدفه.
- الحماية: عند تعرّض الشخص المُلقّح لمسبب المرض، تُهاجمه الأجسام المضادة المُنتجة سابقًا، مما يُؤدّي إلى تدميره ومنع العدوى.
أمثلة على اللقاحات الناقلية:
- لقاح فيروس ابشتاين-بار: يُستخدم هذا اللقاح للوقاية من عدوى فيروس ابشتاين-بار، الذي يُسبب مرض وحيدات النواة المُعدية.
- لقاح فيروس زيكا: يُستخدم هذا اللقاح للوقاية من عدوى فيروس زيكا، الذي يُسبّب تشوّهاتٍ عصبيةً لدى الأجنة.
مميزات اللقاحات الناقلية:
- فعّالةٌ ضدّ الأمراض الفيروسية: أثبتت اللقاحات الناقلية فعاليةً عاليةً في الوقاية من بعض الأمراض الفيروسية، مثل: فيروس ابشتاين-بار وفيروس زيكا.
- آمنةٌ نسبيًا: تُعدّ اللقاحات الناقلية آمنةً نسبيًا، حيث يتمّ استخدام فيروساتٍ ناقلةٍ ضعيفةٍ لا تُسبب المرض.
- سهلة الإنتاج: تُعدّ اللقاحات الناقلية سهلة الإنتاج مقارنةً ببعض أنواع اللقاحات الأخرى.
عيوب اللقاحات الناقلية:
- قد تُسبب آثارًا جانبية: قد تُسبب اللقاحات الناقلية بعض الآثار الجانبية الخفيفة، مثل: الألم في موقع الحقن أو الحمى.
- ليست فعّالةً ضدّ جميع الأمراض: لا تُعدّ اللقاحات الناقلية فعّالةً ضدّ جميع الأمراض المعدية.
- قد تُصبح مقاومةً للمضادات الحيوية: قد تُصبح بعض الفيروسات الناقلة مقاومةً للمضادات الحيوية، مما قد يُقلّل من فعالية اللقاح.
أنواع أخرى واعدة من اللقاحات
تُضاف إلى قائمة اللقاحات المُعتمدة والمستخدمة على نطاق واسع، فئة جديدة من اللقاحات الواعدة التي تخضع حاليًا للتطوير أو الاستخدام المحدود. وتتميز هذه اللقاحات بآليات عمل مبتكرة تفتح آفاقًا جديدة في مجال الوقاية من الأمراض.
1. اللقاحات الشبيهة بالفيروسات:
تُحاكي هذه اللقاحات بنية الفيروس المُستهدف دون احتوائها على مسببات المرض الحية أو المُضعفة. وتعتمد على استخدام ناقلات فيروسية معدلة وراثيًا، مثل الفيروسات الغدية أو ناقلات الحصبة، لحمل جينات محددة من الفيروس المُستهدف إلى خلايا الجسم. تقوم هذه الخلايا بدورها بإنتاج بروتينات الفيروس، مما يُحفز الجهاز المناعي على بناء استجابة دفاعية قوية ضد المرض.
تُقدم اللقاحات الشبيهة بالفيروسات العديد من المزايا، بما في ذلك:
- السلامة العالية: لا تُسبب هذه اللقاحات عدوى فعلية بالفيروس، مما يجعلها آمنة للأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.
- فعالية قوية: أظهرت الدراسات الأولية أن هذه اللقاحات تُحفز استجابة مناعية قوية وفعالة ضد مختلف الأمراض.
- إمكانية تعدد الاستخدامات: تُمكن تقنية الناقلات الفيروسية من تطوير لقاحات شبيهة بالفيروسات ضد مجموعة واسعة من الأمراض.
2. لقاحات الحمض النووي:
تُمثل لقاحات الحمض النووي ثورة حقيقية في مجال الطب الوقائي. وتعتمد هذه اللقاحات على حقن جزيئات الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) أو الحمض النووي الدنا (DNA) مباشرةً في خلايا الجسم. تحمل هذه الجزيئات تعليمات لصنع بروتينات محددة من الفيروس المُستهدف. وبمجرد دخولها إلى الخلايا، تُنتج هذه البروتينات، مما يُحفز الجهاز المناعي على مهاجمة الفيروس.
تتمتع لقاحات الحمض النووي بالعديد من المزايا الواعدة، تشمل:
- سرعة التصنيع: تُمكن تقنية الحمض النووي من تطوير وتصنيع لقاحات جديدة بسرعة وفعالية أكبر من اللقاحات التقليدية.
- دقة الاستهداف: تُصمم لقاحات الحمض النووي لتحديد واستهداف مكونات محددة من الفيروس، مما يُعزز فعالية اللقاح ويقلل من الآثار الجانبية.
- إمكانية التخصيص: تُتيح تقنية الحمض النووي إمكانية تصميم لقاحات شخصية تُناسب احتياجات الأفراد المختلفة.
تُقدم اللقاحات الجديدة، مثل اللقاحات الشبيهة بالفيروسات ولقاحات الحمض النووي، إمكانيات هائلة للوقاية من مختلف الأمراض المعدية. ومع استمرار التطوير والبحوث، تُصبح هذه اللقاحات واعدة في تعزيز صحة الإنسان وتحسين نوعية حياته.