نسائية وتوليد

تسمم الحمل (Preeclampsia)

تسمم الحمل هو مرض يؤثر على عمل جميع أجهزة الجسم تقريبا, وأهم أعراضه ارتفاع ضغط الدم المترافق مع طرح بروتينات في البول (الزلال). يشكل هذا المرض ما بين ٢ إلى ٨% من مضاعفات الحمل،  ويؤدي إلى أكثر من ٥٠,٠٠٠ حالة وفاة للأمهات وأكثر من ٥٠,٠٠٠ حالة وفاة للأجنة في جميع أنحاء العالم [١]. التشخيص المبكر والإدارة الفورية ضروريان لمنع المضاعفات وحالات الوفاة المرتبطة بهذا المرض. في هذا المقال نستعرض أسباب الحدوث وعوامل الخطر المرتبطة بتسمم الحمل, الأعراض السريرية, المضاعفات, والعلاج.

ما هو تسمم الحمل؟

قبل أن نبدأ بتعريف تسمم الحمل علينا أولا التفريق بين أربع حالات مختلفة [٢],[ ٣]:

  • مرض ضغط الدم المزمن: قد تكون الأم تعاني أصلا من مرض ارتفاع ضغط الدم قبل حدوث الحمل, حيث يستمر وجود هذا المرض خلال الحمل وبعده, ويرتبط ارتفاع ضغط الدم المزمن بزيادة احتمال حدوث تسمم الحمل ولكن لا يعني بالضرورة حدوث ذلك.
  • ضغط الدم المرتبط بالحمل: وهو ارتفاع ضغط الدم الذي يحدث بعد الأسبوع العشرين من الحمل دون أن يرافقه اعتلال في أحد أجهزة الجسم (مثل طرح بروتينات في البول على سبيل المثال). وتعود قراءات ضغط الدم الى معدلها الطبيعي بعد الولادة بشكل مباشر. لكنه مرتبط بزيادة احتمال حدوث ارتفاع ضغط الدم المزمن مستقبلا.
  • تسمم الحمل (Preeclampsia): هو اضطراب تدريجي يؤثر على عدة أجهزة في الجسم ويتميز بظهور ارتفاع ضغط الدم (>١٤٠/٩٠) ووجود بروتين في البول، أو ارتفاع ضغط الدم (>١٤٠/٩٠) بالإضافة إلى تلف وظائف أعضاء الجسم الهامة مع أو بدون وجود بروتين في البول، وعادةً يظهر هذا الاضطراب بعد مضي ٢٠ أسبوعًا من بداية الحمل أو بعد الولادة.
  • التشنج أو اخنلاج الحمل (Eclampsia): هي حدوث نوبة تشنج عامة لدى مريضة تسمم الحمل, بحيث لا يمكن أن تعزى هذه النوبة لأي سبب اخر.

ما هي قراءات الضغط الطبيعية؟

​​فئة ضغط الدم​​الانقباضي (العدد العلوي) ملم زئبق  الانبساطي (العدد السفلي) ملم زئبق  
​ضغط الدم الطبيعي​أقل من 120​80
​مرحلة ما قبل ار​​تفاع الضغط​120- 129​أقل من 80
ضغط دم مرتفع (المرحلة الأولى)​130- 139​80- 89
ضغط دم مرتفع (المرحلة الثانية)​140  فأكثر   90  فأكثر

ما هي العوامل التي تزيد من احتمال حدوث تسمم الحمل؟

 وفقا لإرشادات المعهد الوطني البريطاني للصحة والرعاية لعام 2019 (NICE) [٥] تصنف المرأة على أنها عُرضة لخطر عالي للإصابة بتسمم الحمل في الحالات التالية:

  • وجود تاريخ من ارتفاع ضغط الدم خلال حمل سابق.
  • · وجود أمراض مزمنة لدى الأم, مثل أمراض الكلى المزمنة أو الأمراض المناعية الذاتية أو مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم المزمن.

وتصنف المرأة على أنها عرضة للخطر المتوسط في الحالات التالية:

  • إذا كان أول حمل لها ولم يسبق لها الولادة.
  • اذا كانت بعمر 40 عامًا أو أكثر.
  • اذا كان لديها مؤشر كتلة الجسم (BMI) ≥ 35 كجم/م^2. [٦]
  • وجود تاريخ عائلي بتسمم الحمل.
  • اذا كان لديها حمل متعدد الأجنة (التوائم).
  • ·          وجود فاصل زمني بين الحمل والحمل السابق يزيد عن 10 سنوات [٥].

كيف يحدث تسمم الحمل؟

ان آلية نشوء تسمم الحمل تشمل عوامل من كل من المشيمة والأم. ويُعتقد أن التطور غير الطبيعي للأوعية الدموية في المشيمة في مراحل مبكرة من الحمل (فشل في تكوين الشريان اللولبي الطبيعي) هو حدث رئيسي يؤدي إلى تدني نسبي في تدفق الدم إلى المشيمة، ونقص التأكسج، والضرر الناتج عن نقص التروية، مما يؤدي إلى إفراز عوامل مضادة لتكوين الأوعية داخل الدورة الدموية للأم. هذه العوامل يمكن أن تسبب اضطرابًا وظيفيًا للطبقة البطانية للأوعية الدموية في جسم الأم، مما يؤدي في النهاية إلى ظهور أعراض المرض السريرية. أي أن هذا المرض ومع أن ظهور أعراضه يكون بعد الأسبوع العشرين من الحمل الا انه يبدأ منذ اللحظة الأولى من تكون المشيمة في الأسابيع الأولى من الحمل.

 ما هي أعراض تسمم الحمل؟

ان الغالبية العظمى من مرضى تسمم الحمل لا تشكين من أي أعراض عند تشخيصهن بالمرض, حيث أن ٨٥% من المرضى لديهن ارتفاع في ضغط الدم (>١٤٠/٩٠) يرافقه وجود بروتين في البول بعد مرور ٣٤ أسبوع من الحمل. وما يقارب من ١٠% تظهر لديهن قبل ٣٤ أسبوع [٨],[ ٩].

درجة ارتفاع ضغط الدم ووجود بروتين في البول، بالإضافة إلى وجود/عدم وجود أعراض سريرية أخرى تمثل الطيف الشديد للمرض (علامات الإنذار) والذي يشكل خطرا على حياة كل من الأم والجنين فما هي الأعراض اذا؟

 ارتفاع ضغط الدم الشديد (>١٦٠/١١٠ ) مع أو دون أحد الأعراض التالية [١٠]:

● صداع مستمر و/أو شديد

● اضطرابات بصرية (ظهور نقاط داكنة، وخوف من الضوء، ورؤية ضبابية، أو عمى مؤقت [نادر])

● ألم في الجزء العلوي من البطن أو الصدر.

● اضطراب في الوعي (ارتباك، تغيير في السلوك)

● صعوبة جديدة في التنفس، وصعوبة الاستلقاء.

 ارتفاع ضغط الدم الشديد و/أو الأعراض الحرجة تشير إلى ضرورة التقييم العاجل والعلاج السريع لتقليل ضغط الدم إلى مستوى أقل من المستوى الحرج، وربما الحاجة إلى التحفيز أو الولادة بواسطة العملية القيصرية.

ملاحظة: قد يكون ألم الجزء العلوي من البطن أو الصدر أول أعراض تسمم الحمل, وبحيث أن حالات ارتداد حمض المعدة شائعة لدى الحوامل، خاصةً في الليل؛ لذا عند تغير طبيعة هذا الألم أو زيادة شدته ينصح بابلاغ الطبيب.

كيف يتم تشخيص تسمم الحمل؟

عند اكتشاف ارتفاع ضغط الدم لدى الحامل يجري أخذ سيرة مرضية كاملة بحثا عن وجود الأعراض التي ذكرناها سابقا, بالاضافة الى فحص سريري, وفحوصات مخبرية تشمل التالي[١٠]:

  • تحليل تعداد الدم الكامل (CBC)
  • فحص الكرياتينين أو ما يعرف بوظائف الكلى.
  • فحص انزيمات الكبد.
  • فحص البروتينات في البول.

يتم تشخيص تسمم الحمل اذا صاحب ارتفاع ضغط الدم وجود بروتين في البول, أو صاحبه ضرر في أحد أجهزة الجسم المختلفة (ويتمثل ذلك بظهور أحد الأعراض التي ذكرناها سابقا).

كيف يتم علاج تسمم الحمل؟

يعتمد العلاج على شدة تسمم الحمل, بحيث أنه وكما ذكرنا سابقا فانه يمكن أن يقسم الى تسمم الحمل الى الطيف غير الشديد والطيف الشديد من المرض (عد الى ما هي أعراض تسمم الحمل؟).

وفي كل الأحوال فان العلاج النهائي لهذا المرض لا يتم الا من خلال الولادة والتخلص من المشيمة ذات التكون غير الطبيعي والتي كانت هي سبب المرض من الأساس. ولكن وبناءا على شدة المرض فانه يمكن تأخير الولادة قدر المستطاع في الحالات التي تكون فيها الفائدة المرجوة من تأخير الولادة تفوق الخطر الناتج عن استمرار الحمل.

وبغض النظر عن شدة المرض فلا توجد أي فائدة من تأخير الولادة الى ما بعد الأسبوع ٣٦-٣٧ [١١].

وجود واحدة أو أكثر من العلامات التالية يشير إلى ضرورة إجراء ولادة فورية[١٢]:

  • ارتفاع ضغط الدم الشديد غير المسيطر عليه (غير مستجيب للعلاج المزدوج)
  • التشنج أو اخنلاج الحمل (Eclampsia)
  • انفصال المشيمة المبكر (Placental abruption)
  • النزيف الحاد تحت الكبسولة الكبدية
  • ·          انخفاض عدد الصفائح الدموية إلى أقل من 50,000/مم3.

يتم اجراء الولادة بعد تلقي علاج بالستيرويد للنضوج الرئوي ضرورية إذا كانت أحدى المعايير التالية موجودة:

  • وجود ألم في الجزء العلوي من البطن المستمر
  • علامات اقتراب التشنج او اختلاج الحمل (صداع أو اضطرابات بصرية مستمرة)
  • ارتفاع مستوى الكرياتينين الجديد إلى أكثر من 120 ميكرومول/لتر
  • نقص تدفق البول إلى أقل من 20 مل/ساعة
  • حدوث متلازمة هيلب (HELLP)

أما اذا لم تكن هناك حاجة لاجراء الولادة الفورية لعدم وجود أحد هذه الشروط, يتم التعامل مع تسمم الحمل من خلال المراقبة والمتابعة الأسبوعية لقراءات الضغط, وظهور أي أعراض جديدة, مع متابعة فحوصاتها المخبرية لأي تغيرات قد تدل على حدوث ضرر في أحد أجهزة الجسم.

ويتم ايضا السيطرة على ضغط الدم من خلال أحد أدوية الضغط المسموح استخدامها أثناء الحمل, وهي[١٣]:

  1. Labetalol
  2. Hydralazine
  3. Nifedipine
  4. Methyldopa

ما هو دور ال (MgSO4

يمكن أن يكون كبريتات المغنيسيوم (MgSO4) جزءًا من الأدوات العلاجية لتسمم الحمل الشديد. بحيث استخدامه في علاج نوبات التشنج أواختلاج الحمل وأيضًا للوقاية الثانوية من هذه النوبات، مما يستبدل العلاج بواسطة الديازيبام، فينيتوين، أو مزيج من الكلوربرومازين وبروميثازين وبيثيدين[١٤].

ما هي مضاعفات تسمم الحمل على كل من الأم والجنين؟

يرتبط تسمم الحمل وارتفاع ضغط الدم خلال الحمل بطيف واسع من المضاعفات على كل من الأم والجنين, وبالأخص عند عدم تلقي العلاج اللازم.

التأثير السلبي لتسمم الحمل و ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل على الجنين والأم.
على الأمعلى الجنين
ارتفاع ضغط الدم المستقبلي وأمراض القلب والأوعية الدموية.·          إصابة الكلى.مرض الكلى المزمن وخطر الفشل الكلوي النهائي.فشل الكبد.انسداد الشرايين التاجية.نوبات صرع.تضخم عضلة القلب.الوفاةتقييد النمو.الولادة المبكرة.انفصال المشيمة المبكر.ضيق التنفس عند الولادة.الشلل الدماغي (Cerebral palsy)اعتلال الشبكية للرضع المبكرين.التهاب الأمعاء للأطفال حديثي الولادة.التسمم الدموي.الوفاة

ما هي متلازمة هيلب  (HELLP)؟

HELLP هو اختصار يُشير إلى متلازمة تصيب النساء الحوامل, والتي تتميز بتحلل الدم مع تواجد خثرات دقيقة في الاوعية الدموية، وارتفاع إنزيمات الكبد، وانخفاض عدد صفائح الدم. يُمكن أن تمثل على الأرجح نوعًا شديدًا من تسمم الحمل ولكن العلاقة بين الاضطرابين لا تزال مثار جدل. قد تكون HELLP اضطرابًا منفصلاً عن تسمم الحمل نظرًا لأن ما يصل إلى 15 إلى 20 في المائة من المرضى الذين يعانون من HELLP لا يعانون من ارتفاع ضغط الدم السابق أو وجود بروتين في البول.

إعداد: د. حذيفة عبابنة

إشراف: د. منير أبو هلالة

Reference:

[1] Karrar SA, Hong PL. Preeclampsia. [Updated 2023 Feb 13]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK570611/

[2] Gestational hypertension and preeclampsia: ACOG Practice Bulletin, Number 222. Obstet Gynecol 2020; 135:e237.

[3] Report of the National High Blood Pressure Education Program Working Group on high blood pressure in pregnancy. Am J Obstet Gynecol 2000; 183:S1.

[4] 2017 ACC/AHA/AAPA/ABC/ACPM/AGS/APhA/ASH/ASPC/NMA/PCNA Guideline for the Prevention, Detection, Evaluation, and Management of High Blood Pressure in Adults: A Report of the American College of Cardiology/American Heart Association Task Force on Clinical Practice Guidelines. J Am Coll Cardiol 2018;71:e127-e248.

[5] National Guideline Alliance (UK) Hypertension in Pregnancy: Diagnosis and Management (NG133) [(accessed on 3 October 2019)];2019 Available online: https://www.nice.org.uk/guidance/ng133

[6] Brown M.A., Magee L.A., Kenny L.C., Karumanchi S.A., McCarthy F.P., Saito S., Hall D.R., Warren C.E., Adoyi G., Ishaku S. Hypertensive Disorders of Pregnancy: ISSHP Classification, Diagnosis, and Management Recommendations for International Practice. Hypertension. 2018;72:24–43. doi: 10.1161/HYPERTENSIONAHA.117.10803.

[7] Uptodate; Preeclampsia: Pathogenesis, AUTHORS:S Ananth Karumanchi, MDKee-Hak Lim, MDPhyllis August, MD, MPH

[8] Cunningham FG, Lindheimer MD. Hypertension in pregnancy. N Engl J Med. 1992;326(14):927-932. doi:10.1056/NEJM199204023261405

[9] Sibai BM. Pitfalls in diagnosis and management of preeclampsia. Am J Obstet Gynecol. 1988;159(1):1-5. doi:10.1016/0002-9378(88)90482-6

[10] Uptodate; Preeclampsia: Clinical features and diagnosis, AUTHORS:Phyllis August, MD, MPHBaha M Sibai, MD

[11] Haddad B, Kayem G, Deis S, Sibai BM. Are perinatal and maternal outcomes different during expectant management of severe preeclampsia in the presence of intrauterine growth restriction? Am J Obstet Gynecol. 2007;196:237.e1–e5.

[12] Uzan J, Carbonnel M, Piconne O, Asmar R, Ayoubi JM. Pre-eclampsia: pathophysiology, diagnosis, and management. Vasc Health Risk Manag. 2011;7:467-474. doi:10.2147/VHRM.S20181

[13] Uptodate; Treatment of hypertension in pregnant and postpartum patients, AUTHOR:Phyllis August, MD, MPH

[14]  Pryde PG, Mittendorf R. Contemporary usage of obstetric magnesium sulfate: indication, contraindication, and relevance of dose. Obstet Gynecol. 2009;114:669–673

[15] Berg, C. J., Atrash, H. K., Koonin, L. M., Tucker M. (1996). Pregnancy-related mortality in the United States, 1987-1990. Obstet. Gynecol. 88, 161–167. doi: 10.1016/0029-7844(96)00135-4

[16] Vikse, B. E., Irgens, L. M., Leivestad, T., Skjaerven, R., and Iversen, B. M. (2008). Preeclampsia and the risk of end-stage renal disease. N. Engl. J. Med. 359, 800–809. doi: 10.1056/NEJMoa0706790

[17] Ghulmiyyah, L., and Sibai, B. (2012). Maternal mortality from preeclampsia/eclampsia. Semin. Perinatol. 36, 56–59. doi: 10.1053/j.semperi. 2011.09.011

[19]  Uptodate; HELLP syndrome (hemolysis, elevated liver enzymes, and low platelets), AUTHOR:Baha M Sibai, MD

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى