عظام وروماتيزم

ما هو الفصال العظمي

الفصال العظمي (خشونة المفاصل) (بالاغريقية: osteoarthritis) هو من أكثر الحالات الطبية المزمنة شيوعا في العالم ويمثل نسبة تتراوح بين ٤٠ إلى ٦٠٪ من الأمراض التنكسية (degenerative diseases) للجهاز العضلي الهيكلي بين أمراض المفاصل. يزيد انتشار هذا المرض بشكل تدريجي مع تقدم العمر لدى السكان. بشكل عام، يعاني حوالي ١٥٪ من عامة السكان من هذا المرض. ومن بين هؤلاء، يبلغ حوالي ٦٠٪ منهم سن ٦٠ عاما فأكثر. وبالتالي، يعد هذا المرض مشكلة طبية رئيسية في الوقت الحالي وفي المستقبل المرئي. (1)

تطور المرض

يصيب الفصال العظمي مكونات مفاصل الجسم وبالاخص الغضروف المفصلي (articular cartilage). تعتمد طبيعة المرض على مزيج من العمليات التنكسية والالتهابية التي تؤدي بالنهاية الى تدمير الغضروف المفصلي واضرار في الانسجة اللينة والعظام مما يؤدي الى العجز بسبب الألم المزمن والحد من مجال الحركة في المفصل، (2) وظيفة الغضروف المفصلي الرئيسية توفير سطح أملس لانزلاق العظام في المفصل ويتكون بشكل أساسي من مادة الكولاجين، لدى الغضروف المفصلي قدرة محدودة على الإصلاح وبعد خسارة مادة الكولاجين لا يتم استبدالها بشكل كافي. (3)

يؤثر المرض ايضا على المكونات الاخرى للمفصل كالعظام حيث ان الضغط المستمر يؤثر على العظم تحت الغضروفي ويؤدي الى تصلبه وتكون نتوءات عظمية، وقد يوجد أيضا التهاب في السائل الزلالي (synovial fluid). ويشمل الضرر ايضا الانسجة اللينة الاخرى في المفصل مثل كبسولة المفصل والمرابط وغيرها، (4) يؤثر الفصال العظمي بشكل أساسي على المفاصل الحاملة للوزن مثل الركبة والورك بسبب الضغط والإجهاد المستمر الذي تتعرض له ولكنه قد يؤثر أيضا على مفاصل أخرى مثل مفاصل اليد.

عوامل الخطر

تلعب عوامل عديدة دورا في تطور الفصال العظمي منها عوامل ميكانيكية، و جينية، وهرمونية:

  • العمر: يعد العمر من اهم عوامل الخطر المربوطة بالمرض حيث يزداد حدوث وتطور المرض مع زيادة العمر، وهذا بسبب التغيرات التنكسية وحالة الالتهاب المرتبط بزيادة العمر. (5)
  • السمنة: السمنة عامل مهم في تطور المرض ليس فقط عن طريق زيادة الجهد على المفصل، بل وأيضا عن طريق تغيرات أيضية (metabolic changes) وهذا يفسر زيادة حدوث الفصال العظمي في اليد في الاشخاص المصابين بالسمنة. (6)
  • الإصابات: قد يتطور المرض في الاشخاص الذين يتعرضون لإصابات مثل الكسور وتمزق الأربطة ويحدث هذا عادة خلال ١٠ سنوات من الاصابة، ويحدث هذا بسبب الالتهاب والتجمع السوائل والضرر للسطح المفصلي الناتج عن الإصابة. (7,8)
  • العوامل الجينية: قد تؤدي طفرات جينية نادرة في مادة الكولاجين الى تطور الفصام العظمي المبكر. (9)
  • الجنس: الفصال العظمي هو أكثر انتشارا في النساء، وهذا بسبب عوامل لها علاقة باختلاف بنية الجسم بالاضافة الى عوامل هرمونية مما يزيد من نسبة حدوث المرض في النساء بعد سن اليأس. (10)

 الصورة المرضية والتشخيص

أعراض المرض

  • العارض الأساسي في الفصال العظمي هو ألم المفاصل، ويتميز ألم المفاصل في هذا المرض بانه يزداد مع الحركة ويقل مع الراحة، وقد يؤثر على مفصل واحد أو عدة مفاصل. أكثر المفاصل تأثرا هي مفاصل الركبة والورك وأسفل الظهر وأصابع اليدين. ومع تطور المرض تزداد شدة المرض وعدد المفاصل المتأثرة، ويزداد تأثير الألم على نشاطات الحياة اليومية. (11)
  • وقد يعاني المصاب أيضا من الحد من مجال الحركة في المفصل؛ يكون هذا نتيجة تكون النتوءات العظمية والتهاب كبسولة المفصل.
  •  قد ينتج عن المرض أيضا حدوث تشوه أو انتفاخ في المفصل؛ وهذا بسبب التغيرات في عمليات إعادة تشكيل العظام والضرر الناتج لسطح الغضروف المفصلي. (12)
  • قد يشكو المرضى أيضا من الشعور بعدم الثبات في المفاصل الحاملة للوزن وقد يؤدي هذا في بعض الاحيان الى تعثر المريض ووقوعه، ولكن بالعادة يكون الشعور غير مربوط بعدم ثبات حقيقي في المفصل، إلا انه يدل على ضعف في عضلات مفصل الورك  أو الكاحل. (13)

تشخيص المرض

يشخص الفصال العظمي اذا تحققت الشروط التالية في الصورة المرضية: (14)

  • وجود ألم مرتبط بالحركة في مفصل واحد أو عدة مفاصل.
  • عمر المريض ٤٥ سنة فما أكثر.
  • المعاناة من تيبس في المفصل صباحا عند الاستيقاظ.

 عادة ما تكون السيرة المرضية والفحص الطبي كافيين لتشخص المريض بالفصال العظمي، ولكن قد يتم اجراء التحاليل المخبرية والصور في حالات معينة. (15,16)

صور الأشعة السينية (X-ray) هي أكثر طريقة مستخدمة في تصوير التغيرات المرتبطة بالفصال العظمي. التغيرات الي تظهر على الاشعة السينية تشمل تضيق في المسافة بين عظام المفصل وتكون النتوءات العظمية وتصلب العظم تحت الغضروفي والتغير في الزاوية بين العظام، وجود هذه التغيرات ليس ضروريا لتشخيص جميع المرضى كما أن وجود هذه التغيرات دون وجود أعراض عند المريض غير كافي للتشخيص. (17) قد تظهر التغيرات على الأنسجة اللينة باستخدام صور الرنين المغناطيسي (MRI) ولكنها لا تستخدم بشكل دوري وغير ضرورية للتشخيص. (18)

تقسم شدة الفصال العظمي الى عدة درجات حسب التغيرات التي تظهر على صور الاشعة السينية.

  • درجة ٠: لا يوجد تغيرات
  • درجة ١: الشك بوجود تضيق في المسافة بين عظمتي المفصل، وتكون نتوءات عظمية.
  • درجة ٢: تكون نتوءات عظمية واضح، والشك بوجود تضيق في المسافة بين عظمتي المفصل .
  • درجة ٣: تكون العديد من النتوءات العظمية، وتضيق واضح في المسافة بين عظمتي المفصل، وبعض التصلب تحت العظمي، والشك بوجود تشوه في النهايات العظمية.
  • درجة ٤: تكون نتوءات عظمية كبيرة، وتضيق شديد في المسافة بين عظمتي المفصل، وتصلب تحت عظمي شديد، وتشوه واضح في النهايات العظمية.

العلاج والوقاية

يكون الهدف الأولي في العلاج والوقاية هو التقليل من عوامل الخطر القابلة للتعديل، حيث يمكن التقليل من حدوث المرض وتطوره وتقليل من شدة الأعراض وتأثير المرض على الحياة اليومية والحفاظ على المفصل من الضرر الدائم. (19) ويكون العلاج بثلاثة طرق حسب شدة الدرجه في التصنيف المذكور اعلاه.

  • الطريقة الرئيسية هي باستخدام طرق العلاج غير الدوائي مثل التمارين الرياضية، وتكون التمارين مزيجا من تمارين الرياضة الهوائية لتقليل الوزن، وتمارين القوة لتقوية العضلات الساندة للمفصل لتقليل تطور المرض. تستخدم مرابط للركبة لإعادة توزيع الوزن بين طرفي الركبة وتقليل أعراض المرض، كما انه يمكن استخدام وسائل المساعدة على المشي مثل عصي المشي في حالات الألم المتوسط الى الشديد (20,21)
  • يمكن أيضا استخدام بعض العلاجات الدوائية مع العلاجات غير الدوائية في حالات عدم الاستجابة للعلاج غير الدوائي. يستخدم العلاج الدوائي فقط في الفترات التي تكون فيها الأعراض ظاهرة، حيث أن العلاج الدوائي لا يقلل من تطور المرض بل فقط يقلل من الألم ويحسن الوظيفة بشكل جزئي.
    •  يبدأ العلاج الدوائي باستخدام الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية الموضعية (topical NSAIDS)، في حال إصابة مفصل واحد او عدد قليل من المفاصل.
    • في حالة عدم الاستجابة للعلاج أو أصابة العديد من المفاصل يمكن استخدام الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية عن طريق الفم (oral NSAIDS). إلا انه يجب الإنتباه لعدم وجود موانع استخدام هذه الادوية مثل وجود حساسية، والقرحة المعدية، و الحمل في الثلث الاخير، والتشخيص بامراض الكبد أو الكلية.
    • يستخدم دولوكسيتين (duloxetine) في حالات وجود موانع لاستخدام الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية.
    •  يمكن ايضا استخدام كابسيسين الموضعي (topical capsaicin).
    •  اظهرت الأبحاث ان حقن حمض الهيالورونيك (Hyaluronic acid) في المفصل غير فعالة، ولها دور في زيادة تكلفة العلاج من دون أي تأثير علاجي. (22)
    • وأظهرت أبحاث أخرى أن استخدام حقن الجلوكوكورتيكويد (الكورتيزون) في الركبة قد يؤدي الى ضرر في سطح الغضروف المفصلي و تطور المرض. (23)
  • العلاج الجراحي ويكون بشكل أساسي باستبدال المفصل الكلي، ويعتبر حل عالي الفعالية، لكن يجب اللجوء اليه فقط في الحالات المتقدمة من الدرجة ٣ أو ٤ من المرض بعد محاولة العلاجات الدوائية وغير الدوائية وعدم الاستجابة لها.   (24)
  • يوجد علاجات أخرى قيد الدراسة مثل استخدام حقن الخلايا الجذعية في المفصل حيث اظهرت فعالية عالية في بعض الأبحاث لحالات معينة إلا أن استخدامها الحالي غير واسع الانتشار، وتعطى فقط في مراكز مختصة. (25)

إعداد: د. زهير الحياري

إشراف: د. منير أبوهلالة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى