صحة نفسية

الاضطراب الفصامي العاطفي: الأسباب والأعراض والعلاج

الاضطراب الفصامي العاطفي، المعروف أيضًا بالفصام العاطفي، هو حالة نفسية تندرج تحت فئة الاضطرابات الذهانية وتتميز بتقاطع أعراض الفصام مع اضطرابات المزاج. يعاني المصابون بهذا الاضطراب من الهلوسات، مثل سماع أصوات غير موجودة، والأوهام، مثل الاعتقادات الثابتة التي لا تتغير حتى عند مواجهتها بالحقائق. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعاني المصابون من تقلبات حادة في المزاج، تتراوح بين فترات الاكتئاب، حيث يشعرون بالحزن الشديد وفقدان الاهتمام أو اللذة في الأنشطة، إلى فترات الهوس، التي يمكن أن تتضمن زيادة في الطاقة والنشاط وسرعة الكلام والأفكار.

يُعتبر الاضطراب الفصامي العاطفي تحديًا كبيرًا ليس فقط للمصابين به ولكن أيضًا لأسرهم والمحيطين بهم، حيث يؤثر على القدرة على العمل والتفاعل الاجتماعي والاستقلالية. يتطلب العلاج نهجًا شاملاً يشمل العلاج الدوائي للسيطرة على الأعراض الذهانية والمزاجية، والعلاج النفسي لمساعدة المصابين على التعامل مع التحديات اليومية وتحسين مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي. كما يمكن أن يشمل الدعم الاجتماعي والتأهيل الوظيفي لتعزيز الاستقلالية والاندماج في المجتمع.

من المهم الإشارة إلى أن الاضطراب الفصامي العاطفي يختلف عن الفصام واضطرابات المزاج كالاكتئاب والهوس كاضطرابات منفصلة، حيث يجمع بين الأعراض الرئيسية لكل منها، مما يجعل التشخيص والعلاج أكثر تعقيدًا. يتطلب الأمر فهمًا دقيقًا للأعراض وتأثيرها على حياة المصاب، ومقاربة علاجية متعددة الأوجه تتكيف مع الاحتياجات الفردية لكل مصاب.

أعراض الاضطراب الفصامي العاطفي

يُعد الاضطراب الفصامي العاطفي، المعروف سابقًا باسم الفصام ذو الهلوسات المزاجية، حالة نفسية معقدة تصنف ضمن عائلة الاضطرابات الفصامية. يتميز هذا الاضطراب بمزيج فريد من الأعراض الذهانية والمزاجية، والتي تختلف شدتها وتنوعها من شخص لآخر.

أعراض الاضطراب الفصامي العاطفي:

1. الهلوسات:

  • قد يرى مريض الاضطراب الفصامي العاطفي أشياء غير حقيقية، مثل أشخاص أو حيوانات أو أشياء أخرى.
  • قد يسمع أصواتًا وهمية تصدر أوامر أو تعليقات أو محادثات.
  • قد يشم روائح غريبة أو يتذوق أشياء غير موجودة.
  • قد يشعر بأحاسيس غريبة على جسده، مثل اللمس أو الحرق أو الوخز.

2. التوهمات:

  • قد يُؤمن مريض الاضطراب الفصامي العاطفي بأفكار ومعتقدات خاطئة تمامًا لا أساس لها من الصحة.
  • قد تكون هذه التوهمات مُتطرفة وغريبة، مثل:
    • الشعور بأنّه مُراقب أو مُتابع من قبل الآخرين.
    • الاعتقاد بامتلاك قدرات خارقة للطبيعة.
    • الايمان بأنه مُهدد من قبل أشخاص أو قوى شريرة.
    • الشعور بأنه مُهم أو مُشهور بشكل غير عادي.
    • الاعتقاد بأنّه مُرسل من قبل الله أو شخصية دينية مهمة.

3. اضطرابات الكلام:

  • قد يُعاني مريض الاضطراب الفصامي العاطفي من صعوبة في التعبير عن أفكاره بوضوح.
  • قد يكون كلامه غير مُنتظم أو مُتناقض، أو قد يستخدم كلمات غير موجودة أو يصنع لغة خاصة به.
  • قد يتحدث بسرعة كبيرة أو ببطء شديد.
  • قد يفقد تسلسل أفكاره ويقفز من موضوع لآخر دون سابق إنذار.

4. السلوكيات الغريبة:

  • قد يُظهر مريض الاضطراب الفصامي العاطفي سلوكيات غريبة وغير مُتوقعة، مثل:
    • الإهمال في النظافة الشخصية.
    • ارتداء ملابس غير مناسبة للمناسبة.
    • التحدث بصوت عالٍ في الأماكن العامة.
    • السلوك العدواني أو العنيف دون سبب واضح.
    • الانعزال عن العائلة والأصدقاء.
    • الإهمال في المسؤوليات اليومية.

5. أعراض المزاج:

  • يُعاني مريض الاضطراب الفصامي العاطفي من تقلبات مزاجية حادة،
  • قد يمر بفترات من الاكتئاب الشديد الذي قد يترافق مع أفكار انتحارية.
  • قد يمر بفترات من الهوس الذي يتميز بفرط النشاط والطاقة والتهيج.
  • قد تتغير مشاعره بسرعة كبيرة دون سبب واضح.

تشخيص الاضطراب الفصامي العاطفي

لا يمكن تشخيص الاضطراب الفصامي العاطفي من خلال اختبار دم أو تصوير طبي. يتم التشخيص بناءً على تقييم شامل لحالتك من قبل أخصائي صحة نفسية مؤهل، مثل طبيب نفسي أو أخصائي علم نفس سريري. سيتضمن هذا التقييم:

1. المقابلة:

  • مناقشة الأعراض: سيطرح عليك الطبيب أسئلة حول الأعراض التي تعاني منها، مثل:
    • الأعراض الذهانية: هل تعاني من الهلوسة (سماع أو رؤية أشياء غير موجودة) أو الأوهام (معتقدات خاطئة ثابتة)؟
    • اضطرابات المزاج: هل تعاني من نوبات من الاكتئاب أو الهوس (مزاج مرتفع للغاية أو طاقة عالية)؟
    • الأعراض الأخرى: هل تعاني من صعوبة في التفكير بوضوح أو التحدث بوضوح أو تذكر الأشياء؟ هل لديك سلوكيات غريبة أو غير عادية؟
  • التاريخ الشخصي: سيستفسر الطبيب عن تاريخك الشخصي، بما في ذلك:
    • التاريخ الطبي: هل لديك أي حالات طبية أخرى؟ هل تتناول أي أدوية؟
    • التاريخ العائلي: هل يوجد في عائلتك أي تاريخ من الاضطرابات النفسية؟
    • تاريخ تعاطي المخدرات: هل تعاطيت المخدرات أو الكحول؟
  • الفحص النفسي: سيقوم الطبيب بإجراء تقييم لقدرتك على التفكير والمزاج والسلوك.

2. اختبارات التقييم:

  • قد يستخدم الطبيب أدوات تقييم معيّنة لتقييم أعراضك بشكل أكثر دقة. قد تشمل هذه الاختبارات:
    • مقاييس الأعراض: تقيس شدة أعراضك.
    • اختبارات الوظائف المعرفية: تقيم قدرتك على التفكير والذاكرة والانتباه.
    • اختبارات التصوير النفسي: قد يطلب الطبيب اختبارات مثل اختبار Rorschach أو اختبارات الشخصية لتقييم جوانب معينة من شخصيتك وسلوكك.

3. معايير التشخيص:

  • لتلقي تشخيص الاضطراب الفصامي العاطفي، يجب أن تستوفي معايير محددة محددة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5). تشمل هذه المعايير:
    • وجود أعراض ذهانية: يجب أن تعاني من نوبتين على الأقل من الأعراض الذهانية، مثل الهلوسة أو الأوهام، لكل منهما مدة أسبوع واحد على الأقل.
    • وجود أعراض اضطراب المزاج: يجب أن تعاني من نوبة واحدة على الأقل من الاكتئاب الشديد أو الهوس.
    • الاختلال الوظيفي: يجب أن تُسبب الأعراض اضطراباً ملحوظاً في حياتك اليومية، مثل عملك أو علاقاتك أو قدرتك على رعاية نفسك.

استبعاد الأسباب الأخرى:

سيقوم الطبيب باستبعاد أي أسباب أخرى محتملة لأعراضك، مثل تعاطي المخدرات أو الأدوية، أو الحالات الطبية العامة، أو الاضطرابات النفسية الأخرى.

تشخيص فرعي:

قد يتم تشخيص نوع فرعي من الاضطراب الفصامي العاطفي بناءً على نوع الأعراض المزاجية التي تعاني منها. الأنواع الفرعية الأربعة الرئيسية هي:

  • النوع الأول: يتميز بنوبات الهوس فقط.
  • النوع الثاني: يتميز بنوبات من الاكتئاب فقط.
  • النوع الثالث: يتميز بنوبات من الهوس والاكتئاب.
  • النوع الرابع: يتميز بأعراض خفيفة من الهوس أو الاكتئاب، بالإضافة إلى أعراض ذهانية.

علاج الاضطراب الفصامي العاطفي

يُعدّ الاضطراب الفصامي العاطفي حالة نفسية معقدة تتطلب نهجًا علاجيًا شاملًا. يجمع العلاج الفعال عادةً بين الأدوية والعلاج النفسي وتدريب المهارات الحياتية، بهدف مساعدة الفرد على إدارة الأعراض وتحقيق الاستقرار وتحسين نوعية حياته.

1. الأدوية:

  • مضادات الذهان: تلعب دورًا رئيسيًا في علاج الاضطراب الفصامي العاطفي، حيث تعمل على تنظيم وظائف الدماغ المرتبطة بالتفكير والسلوك والمزاج. تُستخدم بشكل أساسي للسيطرة على الأعراض الذهانية مثل الهلاوس والضلالات واضطرابات التفكير. تشمل الأمثلة الشائعة كلوزابين (Clozapine) وريسبيريدون (Risperidone) وأولانزابن (Olanzapine).
  • مثبتات المزاج: تُستخدم لعلاج نوبات المزاج، سواء كانت هوائية (هوس) أو اكتئابية. تُساعد على استقرار الحالة المزاجية وتقليل حدة التقلبات المزاجية. من الأمثلة الشائعة الليثيوم (Lithium) وحمض الفالبرويك (Valproic acid) والكاربامازيبين (Carbamazepine).
  • مضادات الاكتئاب: قد تُستخدم في بعض الحالات لعلاج أعراض الاكتئاب المرتبطة بالاضطراب الفصامي العاطفي. تشمل الأمثلة الشائعة سيرترالين (Sertraline) وفلوكستين (Fluoxetine) وبروزاك (Prozac).

2. العلاج النفسي:

يلعب العلاج النفسي دورًا هامًا في مساعدة الأفراد المصابين بالاضطراب الفصامي العاطفي على فهم حالتهم وتطوير آليات التأقلم. تشمل العلاجات النفسية الشائعة:

  • العلاج الفردي: يركز على احتياجات الفرد وتحدياته الخاصة، ويساعده على اكتساب مهارات إدارة الأعراض، والتعامل مع التوتر، وتحسين التواصل، وبناء علاقات صحية.
  • العلاج الأسري: يُشرك أفراد الأسرة في عملية العلاج، ويساعدهم على فهم الاضطراب ودعم المريض بشكل أفضل.
  • العلاج الجماعي: يوفر فرصة للتفاعل مع أشخاص آخرين يعانون من نفس الاضطراب، ومشاركة الخبرات، وتقديم الدعم المتبادل.

3. تدريب المهارات الحياتية:

يهدف تدريب المهارات الحياتية إلى مساعدة الأفراد المصابين بالاضطراب الفصامي العاطفي على اكتساب المهارات اللازمة للعيش بشكل مستقل وتحقيق أقصى استفادة من حياتهم. قد تشمل هذه المهارات:

  • مهارات التواصل: تحسين مهارات التواصل الفعال مع العائلة والأصدقاء والزملاء.
  • مهارات حل المشكلات: تطوير مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات بشكل فعال.
  • مهارات إدارة الوقت: تعلم كيفية تنظيم الوقت وإدارة المهام بكفاءة.
  • مهارات إدارة الإجهاد: تعلم تقنيات الاسترخاء والتعامل مع التوتر.
  • مهارات التعليم: الحصول على تعليم أو تدريب مهني لتعزيز فرص العمل.

العوامل المؤثرة على خطة العلاج:

يعتمد اختيار العلاجات المناسبة على احتياجات الفرد وشدّة الأعراض ونوعها. كما تلعب العوامل التالية دورًا في تحديد خطة العلاج:

  • السن: قد تختلف العلاجات المتاحة للأطفال والمراهقين عن تلك المتاحة للبالغين.
  • الصحة الجسدية: يُؤخذ بعين الاعتبار أي حالات صحية جسدية أخرى قد يعاني منها الفرد عند اختيار العلاجات.
  • التاريخ العلاجي: يُؤخذ بعين الاعتبار استجابة الفرد للعلاجات السابقة.
  • التفضيلات الشخصية: تُؤخذ بعين الاعتبار رغبات الفرد واحتياجاته الشخصية عند اختيار العلاجات.

الامتثال للعلاج:

يُعدّ الالتزام بخطة العلاج أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أفضل النتائج. حيث يساعد تناول الأدوية بانتظام وإكمال جلسات العلاج النفسي على التحكم في الأعراض وتحسين نوعية الحياة.

العلاج طويل الأمد

عادةً ما يتطلب علاج الاضطراب الفصامي العاطفي نهجًا طويل الأمد، حيث أنّ الاضطراب هو حالة مزمنة تتطلب رعاية مستمرة. يهدف العلاج طويل الأمد إلى:

  • السيطرة على الأعراض: منع عودة الأعراض الذهانية ونوبات المزاج.
  • تحسين الأداء الوظيفي: مساعدة الفرد على العودة إلى الدراسة أو العمل أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
  • تعزيز نوعية الحياة: مساعدة الفرد على عيش حياة مُرضية ومنتجة.

يتضمن العلاج طويل الأمد عادةً:

  • المتابعة الدورية مع الطبيب النفسي: لمراقبة الأعراض وتعديل العلاج حسب الحاجة.
  • العلاج النفسي المستمر: للمساعدة في الحفاظ على المهارات المكتسبة وتعزيز الصحة النفسية.
  • مجموعات الدعم: توفر فرصة للتواصل مع أشخاص آخرين يعانون من نفس الاضطراب، ومشاركة الخبرات، وتقديم الدعم المتبادل.
  • برامج إعادة التأهيل: تُساعد الفرد على استعادة مهاراته الاجتماعية والمهنية.

العوامل التي تؤثر على نجاح العلاج طويل الأمد:

  • الامتثال للعلاج: الالتزام بخطة العلاج وتناول الأدوية بانتظام وإكمال جلسات العلاج النفسي.
  • الدعم الاجتماعي: وجود شبكة دعم قوية من العائلة والأصدقاء.
  • الظروف المعيشية المستقرة: بيئة منزلية آمنة ومستقرة.
  • الوصول إلى الرعاية الصحية: القدرة على الحصول على رعاية صحية نفسية مناسبة.

التحديات التي قد تواجهها:

  • الآثار الجانبية للأدوية: قد تُسبب بعض الأدوية آثارًا جانبية مزعجة تتطلب الصبر والتعاون مع الطبيب للتغلب عليها.
  • الوصم الاجتماعي: قد يُواجه الأفراد المصابون بالاضطراب الفصامي العاطفي وصمًا من المجتمع، ممّا قد يُعيق سعيهم للحصول على العلاج والدعم.
  • النكسات: قد يعاني بعض الأفراد من نكسات، أي عودة للأعراض، ممّا يتطلب إعادة تقييم خطة العلاج وتعديلها.

على الرغم من التحديات، يمكن للأفراد المصابين بالاضطراب الفصامي العاطفي أن يعيشوا حياة مُرضية ومنتجة مع العلاج والدعم المناسبين.

ملاحظة:

  • هذه المعلومات مقدمة لغرض التثقيف العام فقط ولا تُغني عن استشارة الطبيب المختص.
  • من المهم استشارة الطبيب أو أخصائي الصحة النفسية لمناقشة خطة العلاج الفردية المناسبة لك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى