يرتبط مرض الزهايمر بالتغيرات اللاجينية في الخلايا المناعية خارج الدماغ
مرض الزهايمر هو اضطراب دماغي تقدمي يؤثر على الذاكرة والتفكير والسلوك. وهو السبب الأكثر شيوعاً للخرف، وهو ما يمثل 60-70% من الحالات.
الأسباب الدقيقة لمرض الزهايمر ليست معروفة تمامًا، لكن العلماء يعتقدون أن العوامل الوراثية والبيئية تلعب دورًا. أحد مجالات البحث الناشئة هو علم الوراثة اللاجينية، وهو دراسة كيف يمكن للعوامل البيئية ونمط الحياة أن تغير الطريقة التي يتم بها التعبير عن الجينات دون تغيير تسلسل الحمض النووي.
يمكن أن تؤثر التغيرات اللاجينية على نشاط الجينات عن طريق إضافة أو إزالة مجموعات كيميائية إلى الحمض النووي أو البروتينات التي تلتف حوله. يمكن لهذه التغييرات تشغيل الجينات أو إيقافها، أو تنظيم مقدار التعبير عنها.
بعض التغيرات اللاجينية طبيعية وضرورية للنمو والشيخوخة، ولكن البعض الآخر يمكن أن يكون ضارًا ويساهم في الإصابة بأمراض مثل السرطان والسكري والزهايمر.
التغيرات اللاجينية في الخلايا المناعية ومرض الزهايمر
وجدت دراسة حديثة نشرت في مجلة (Nature Communications) أن التغيرات اللاجينية في الخلايا المناعية خارج الدماغ قد تكون مرتبطة بمرض الزهايمر.
قامت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة إكستر وجامعة ميلانو بيكوكا، بتحليل عينات دم من أكثر من 1600 شخص، بما في ذلك المصابين بمرض الزهايمر، والضعف الإدراكي المعتدل، والأشخاص الأصحاء.
استخدموا تقنية تسمى دراسة الارتباط على نطاق الجينوم (EWAS) لقياس مستويات مثيلة الحمض النووي، وهو نوع شائع من التعديل اللاجيني، في أنواع مختلفة من الخلايا المناعية.
ووجدوا أن الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر لديهم أنماط مميزة من مثيلة الحمض النووي في خلاياهم المناعية، وخاصة في نوع من خلايا الدم البيضاء تسمى الخلايا الوحيدة. وارتبطت هذه الأنماط بمستويات بروتينات أميلويد بيتا وتاو في الدماغ، وهي السمات المميزة لمرض الزهايمر.
كما حدد الباحثون جينات محددة تأثرت بالتغيرات اللاجينية في الخلايا المناعية، ووجدوا أن بعضها متورط في الالتهاب والعدوى وشيخوخة الخلايا.
تشير الدراسة إلى أن التغيرات اللاجينية في الخلايا المناعية قد تعكس حالة الدماغ في مرض الزهايمر، وقد تؤثر أيضًا على تطور المرض من خلال التأثير على استجابة الجهاز المناعي لتلف الدماغ.
التداعيات والتوجهات المستقبلية
وتعد هذه الدراسة واحدة من أولى الدراسات التي أظهرت أن التغيرات اللاجينية في الخلايا المناعية خارج الدماغ قد تكون مرتبطة بمرض الزهايمر. كما أنه يوفر رؤى جديدة حول دور الجهاز المناعي في تطور المرض ومساره.
قد يكون لهذه النتائج آثار على تشخيص مرض الزهايمر والتشخيص والعلاج. على سبيل المثال، قد تكون التغيرات اللاجينية في الخلايا المناعية بمثابة مؤشرات حيوية للكشف عن المرض في مرحلة مبكرة، أو لمراقبة تطوره واستجابته للعلاج.
تفتح الدراسة أيضًا آفاقًا جديدة للبحث حول كيفية تأثير التغيرات اللاجينية في الخلايا المناعية على الدماغ، وكيف يمكن أن تتأثر بالعوامل البيئية ونمط الحياة، مثل النظام الغذائي، والإجهاد، والعدوى.
ويأمل الباحثون أن تحفز دراستهم المزيد من الأبحاث حول الآليات اللاجينية لمرض الزهايمر، وتؤدي في النهاية إلى تطوير إستراتيجيات جديدة للوقاية من هذه الحالة المدمرة وعلاجها.