تعرف على فقر الدم المنجلي، أسبابه، وأعراضه
لا بد أنك عزيزي القارئ قد سمعت من قبل عن مرض فقر الدم، إلا أنك قد لا تعرف بأن فقر الدم ليس نوعا واحدا بل هو أنواع عدة من تختلف في أسبابها وأشكالها وطرق علاجها، فهناك فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، وهناك فقر الدم الناتج عن نقص بعض الأنزيمات (الخمائر) اللازمة لتصنيع كريات الدم الحمراء مثل أنيميا الفول، بالإضافة أشكال فقر الدم الوراثية كالأنيميا المنجلية و الثلاسيميا والهيموفيليا، وفي موضوعنا اليوم عزيزي القارئ سوف نتحدث عن أحد أمراض الدم الوراثية ألا وهو فقر الدم المنجلي الذي ينتشر بشكل واسع في بلادنا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
تعريف فقر الدم
فقر الدم عبارة عن حالة مرضية تتميز بانخفاض عدد كريات الدم الحمراء القادرة على أداء وظيفتها بنقل الأكسجين والغذاء إلى جميع أنحاء جسم الإنسان بشكل سليم، وتنتج هذه الحالة بشكل عام عن عدم كفاية إنتاج كريات الدم الحمراء، أو فقدان الدم نتيجة النزيف، أو التحطيم المفرط لكريات الدم الحمراء، أما سبب حدوث مرض الأنيميا المنجلية- موضوع حديثنا اليوم- فهو تكسر خلايا الدم الحمراء بسبب ضعف بنيتها وشكلها المنجلي.
فقر الدم المنجلي ( الأنيميا المنجلية)
الأنيميا المنجلية أحد أهم أنواع أمراض فقر الدم الوراثية تنتج عن تغير شكل كريات الدم الحمراء إلى الشكل المنجلي، والمنجل- أو المحش كما يسمى في بعض المناطق- هو الأداة المعروفة التي تستخدم لحصاد النبات، يتميز بشكله الذي يشبه شكل الهلال، والمشكلة في تغير شكل الكريات الدم الحمراء إلى الشكل المنجلي هو تدني قدرتها على أداء وظيفتها مما يسبب نقصا في كمية الأكسجين التي ينقلها الدم إلى كافة أنسجة الجسم، وزيادة نسبة الفضلات وثاني أكسيد الكربون فيها.
وينتشر هذا المرض بشكل واسع في كافة أنحاء العالم إلا أن أعلى معدلات الإصابة به سجلت في المناطق التالية:
- منطقة افريقيا بشكل عام.
- منطقة الخليج العربي واليمن وجنوب شرق السعودية، فقد وصلت نسبة المصابين بهذا المرض في بعض محافظات السعودية إلى 30% من عدد السكان، وهذا بالطبع يشكل خطرا بالغا على البناء الأسري والوضع الاقتصادي والاجتماعي في هذه الدول.
- منطقة الشرق الأوسط التي تشمل إيران العراق سوريا الأردن وفلسطين.
- منطقة شبه القارة الهندية.
- منطقة جنوب شرق آسيا.
- المنطقة الكاريبية في أمريكا الوسطى.
أسباب حدوث الأنيميا المنجلية:
يعتبر مرض فقر الدم المنجلي أحد الأمراض الوراثية، وتكمن مشكلة مرض الأنيميا المنجلية في عدم قدرة نخاع العظم في جسم المريض على إنتاج كريات دم حمراء طبيعية نتيجة خلل في تكوين الهيموجلوبين (خضاب الدم) أحد أهم مكونات كريات الدم الحمراء الذي يعطي الدم لونه الأحمر القاني، وتكون هذه الخلايا غير الطبيعية أكثر قابلية للتكسر والتحلل بعد فتره قصيرة من إنتاجها مما ينتج عنه حالة فقر الدم عند المريض، وقد تعيق خلايا الدم الحمراء منجلية الشكل والمتكسرة سريعا مرور الدم خلال الشعيرات الدموية، وتسد عروق الدم فتسبب آلاما شديدة في العظام خاصة عظام الأطراف والظهر.
والعامل الوراثي هو المسبب الأول والأخير لحدوث مرض الأنيميا المنجلية، حيث ينتقل المرض من الأبوين المصابين أو الحاملين لعوامل المرض في جيناتهم إلى بعض أطفالهم، وهنا عزيزي القارئ يجدر التفريق بين الشخص السليم والشخص الحامل للمرض والشخص المصاب كما يلي:
- الشخص السليم: هو الشخص الذي لا يحمل صفة المرض، ولا خطر على أطفاله من هذا المرض عند زواجه بشخص مصاب أو حامل للمرض أو سليم.
- الشخص الحامل للمرض: هو الشخص الذي يحمل صفة المرض، ولا يعاني حامل المرض في العادة من أي مشكلة صحية، ويمكن التعرف على حامل المرض عن طريق فحص بسيط للدم، وهذا الشخص يمكنه الزواج من شخص سليم وإنجاب أطفال أصحاء، ولكن الخوف هو من زواجه من شخص مصاب أو حامل للمرض مثله، حيث أنه إذا تزوج من حامل للمرض يصبح احتمال إنجابه لأطفال مصابين بالمرض 25%، أما إذا تزوج من مصاب فإن احتمال إنجابهما لطفل مصاب بهذا المرض 50%.
- الشخص المصاب:هو الذي تظهر عليه أعراض المرض، وهذا الشخص يمكنه الزواج من شخص سليم وإنجاب أطفال أصحاء حيث أن احتمال إنجابه لأطفال مصابين في مثل هذه الحالة هو صفر%، هذا بالطبع مع احتمال أن يكون بعض أطفاله حاملين للمرض غير مصابين به، أما في حال زواجه من شخص حامل للمرض أو مصاب مثله حينها يكون أطفاله عرضة للإصابة بهذا المرض؛ ففي حال زواج شخصين مصابين بالمرض تكون نسبة إنجابهما لأطفال مصابين 100% أما إذا تزوج حامل المرض من شخص مصاب فإن إحتمال إنجابهما لطفل مصاب بالمرض هو 50%.
أعراض مرض الأنيميا المنجلية:
مرض الأنيميا المنجلية مرض شديد الخطورة، وكما ذكرنا سابقاً لا تظهر أي أعراض للمرض على الأشخاص الحاملين لصفة الأنيميا المنجلية، أما المصابون بهذا المرض فيعانون من أعراض خطيرة تشمل بشكل عام ما يلي:
- فقر دم مزمن ناتج عن قصر عمر خلايا الدم الحمراء.
- نقص في النمو.
- تدني نشاط المريض وعدم قدرته على ممارسة الأنشطة اليومية العادية.
- ألم حاد في المفاصل والعظام..
- تجلطات بسبب الانسدادات في الأوعية الدموية.
- تآكل العظام وخاصة عظم الحوض والركبتين.
- تضخم في الطحال مما قد يفقده وظيفته.
- تكسر مفاجئ في خلايا الدم ينتج عنه أزمة صحية والتهابات عديدة، ويستدل على هذه الحالة عن طريق حدوث اصفرار عيني المريض إلى درجة ملحوظة وانخفاض شديد في الهيموجلوبين.
- مشاكل في القلب بسبب زيادة العبء الواقع على هذه العضلة الناتج عن حدوث فقر الدم، ومن أهم هذه المشاكل تضخم عضلة القلب وعدم انتظام في دقات القلب.
- زيادة احتمال إصابة المريض بالأمراض المعدية نتيجة عمليات نقل الدم المتكررة.
- انعكاسات نفسية سيئة لدى المريض نتيجة شعوره بالإحباط من المرض الدائم وقلة الحيلة.
علاج مرض الأنيميا المنجلية:
لا يوجد علاج شاف بذاته لفقر الدم المنجلي، إلا أن كافة العلاجات المستخدمة حاليا تهدف للتقليل من حدة الأعراض الجانبية للمرض، مثل الأدوية المسكنة للألم ونقل الدم والعلاج بعقار الديسفيرال، كما قد تجرى عملية زرع النخاع لبعض المرضى والأمر يعتمد على وجود متبرع يفضل أن يكون من أشقاء أو شقيقات المريض لضمان التطابق النسيجي والخلوي (100%) بين المتبرع والمريض، وتزداد فرص نجاح العملية عند المرضى الذين لا يعانون من ترسب الحديد أو تضخم الكبد والطحال.
أما عن آخر ما توصل إليه العلم في مجال علاج هذا المرض فهو بدء بعض المراكز العالمية بإجراء عمليات نقل وزراعة نخاع عظم سليم للجنين المصاب داخل رحم أمه بدل إجهاضه، ومما يشجع على مثل هذه العملية ندرة رفض جسم المريض للنخاع المزروع.
طرق الوقاية من مرض الأنيميا المنجلية:
كما قال أجدادنا من قبل فإن درهم وقاية خير من قنطار علاج، وهذا ينسحب على الأمراض الوراثية كذلك التي منها مرض الأنيميا المنجلية؛ إذ تكون الوقاية من هذا المرض مبكرا بإجراء فحوصات ما قبل الزواج، لمعرفة إذا ما كان أحد الطرفين حاملا للمرض، بطريقة سهلة وميسرة ومتوفرة في معظم المختبرات الطبية، وينصح بإجراء هذا التحليل لكل من له أصول عرقية بمنطقة الخليج العربي وجنوب السعودية واليمن والمناطق الشمالية الغربية من السعودية.
مراحل تطور مرض الأنيميا المنجلية لدى الطفل المصاب
تختلف أعراض مرض الأنيميا المنجلية باختلاف سن المريض؛ فلا تظهر أعراض المرض على الطفل المصاب خلال أشهره الأولى؛ ذلك أن جسم الطفل لا يبدأ بتصنيع الهيموجلوببين اللازم لكريات الدم الحمراء إلا بعد مضي عدة أشهر من الولادة، لذا وبعد مضي هذه الفترة تبدأ أعراض المرض بالظهور على الطفل وفقاً لما يلي:
الأعراض التي تظهر على الطفل بعد الشهر السادس وخلال السنتين الأوليين من عمره:
من أهم الأشكال المرضية التي يظهر فيها المرض في هذا السن ما يلي:
- انتفاخ في اليدين والقدمين وهو ما يعرف بمرض اليدين والقدمين، حيث تنتفخ اليدان والقدمان ويصاحب هذا الانتفاخ ألم وبكاء، ويتركز التورم في الأصابع.
- شحوب بشرة الطفل.
- في بعض الأحيان يصاحب هذه الحالة التهاب فيروسي أو بكتيري في الدم، وقد يكون هذا الالتهاب شديدا يستدعي نقل الطفل لوحدة العناية المركزة في المستشفى.
- حدوث نوبات متكررة من الألم في العظام ناتج عن انسداد العروق الدموية المغذية للعظام، خاصة في عظام الأطراف والعمود الفقري، وتختلف شدة هذه النوبات وتكررها من طفل لآخر.
الأعراض التي تظهر على الطفل بين سن الثانية والعاشرة :
- تصبح بشرة الطفل شاحبة بسبب فقر الدم حيث لا يرتفع مستوى الهيموجلوبين في دم هؤلاء الأطفال عن 10 ملغم، وفي معظم الحالات تتراوح هذه النسبة بين 7-10 ملغم، وقد تنخفض أكثر من ذلك بكثير خلال نوبات تكسر الدم.
- اصفرار البشرة والعينين نتيجة لتكسر الدم وارتفاع المادة الصفراء في الدم (يرقان)، وهي مادة تنتج عن تكسر كريات الدم الحمراء.
- النحافة، مع تعب وارهاق عند القيام بأعمال تحتاج جهدا كبيرا.
- نوبات شديدة من الألم.
- زيادة قابلية الطفل للإصابة بالالتهابات خاصة الالتهابات البكتيرية مثل التهابات الجهاز التنفسي، وأحيانا التهاب في العظم، وجدير بالذكر أنه يمكن الوقاية من إصابة الطفل ببعض هذه الالتهابات عن طريق إعطاء الطفل اللقاحات المناسبة.
الأعراض التي تصيب الأطفال المصابين بمرض الأنيميا المنجلية بعد سن العاشرة:
أهم ما قد يتعرض له الطفل المصاب بمرض الأنيميا المنجلية في هذا العمر هو زيادة احتمال إصابة الرئتين بتجلطات نتيجة انسداد العروق الدموية بالخلايا المنجلية، وتظهر هذه الحالات على شكل آلام في الصدر مع كحة جافة ونقص في الأكسجين.