فوائد الإثمد الصحية: حقائق واستخدامات وتحديات
الإثمد هو عنصر كيميائي بالرمز Sb والعدد الذري 51. ينتمي إلى مجموعة أشباه الفلزات، وهي عناصر لها خصائص كل من المعادن واللافلزات. الإثمد مادة صلبة بيضاء فضية وهشة ولامعة ويمكن أن توجد في أشكال مختلفة، تسمى المتآصلة (allotropes). يوجد بشكل أساسي في الطبيعة على شكل معدن الكبريتيد (Sb2S3)، ولكن يمكن أيضًا إنتاجه من خامات أخرى أو إعادة تدويره من الخردة المعدنية.
يتمتع الإثمد بتاريخ طويل ورائع، يعود إلى العصور القديمة عندما استُخدمَ كمستحضر تجميل ودواء وسبيكة معدنية. اليوم، للإثمد العديد من التطبيقات في مختلف الصناعات، مثل الطيران والدفاع والإلكترونيات والطب وغيرها. في منشور مقالتنا هذا، سنستكشف بعض حقائق الإثمد واستخداماته وفوائده، بالإضافة إلى بعض التحديات والمخاطر المرتبطة به.
حقائق عن الإثمد
يحتوي الإثمد على نظيرين مستقرين، Sb-121 وSb-123، اللذين يشكلان 57.2% و42.8% من وفرته الطبيعية، على التوالي. كما أن لديه 35 نظيرًا مشعًا، ويتراوح عمر النصف من بضع ثوانٍ إلى 2.75 سنة. النظائر المشعة الأكثر شيوعًا هو Sb-125، والذي يضمحل بانبعاث بيتا إلى Te-125.
يحتوي الإثمد على خمس حالات أكسدة شائعة، وهي (-3, 0, +3, +4, 5+) يمكن أن يشكل مركبات ذات خصائص واستخدامات مختلفة، مثل ثالث أكسيد الإثمد (Sb2O3)، وثلاثي كبريتيد الإثمد (Sb2S3)، وخامس أكسيد الإثمد (Sb2O5)، وخماسي كبريتيد الإثمد (Sb2S5)، وخماسي فلوريد الإثمد (SbF5).
يعتبر الإثمد موصلًا سيئًا للحرارة والكهرباء، ولكنه يمكن أن يعزز موصلية المواد الأخرى عند إضافته كمادة إشابة. على سبيل المثال، يمكن للإثمد أن يزيد من كفاءة الخلايا الشمسية عن طريق استبدال بعض ذرات السيليكون في الشبكة البلورية.
الإثمد هو عنصر مغناطيسي معاكس، مما يعني أنه يتم صده بواسطة مجال مغناطيسي. كما أن لديه قابلية مغناطيسية مولية سلبية، مما يعني أنه يميل إلى محاذاة نفسه عكس المجال المغناطيسي المطبق.
اقرأ أيضًا: الكركديه: نبات ملون ذو فوائد صحية مذهلة
استخدامات وفوائد الإثمد
يستخدم الإثمد كعنصر صناعة السبائك لتصلب وتقوية المعادن الأخرى، مثل الرصاص والقصدير والنحاس والحديد. بعض سبائك الإثمد الشائعة هي معدن بابيت، والذي يستخدم للمحامل والمكابس؛ ومعدن بريتانيا، الذي يستخدم في صناعة الأواني والأشياء الزخرفية؛ والبيوتر الذي يستخدم لأدوات المائدة والزينة.
يستخدم الإثمد كمثبط للهب في مواد مختلفة، مثل البلاستيك والمنسوجات والمطاط والطلاءات. يمكن أن يقلل من قابلية الاشتعال وانبعاث الدخان لهذه المواد عن طريق تكوين طبقة واقية من أكسيد الإثمد على السطح عند تعرضه للنار. غالبًا ما يتم دمج الإثمد مع الهالوجينات، مثل الكلور أو البروم، لتكوين مثبطات لهب أكثر فعالية.
يُستخدم الإثمد كمحفز في التفاعلات الكيميائية المختلفة، مثل إنتاج البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET)، وهو مادة بلاستيكية تستخدم على نطاق واسع في الزجاجات والحاويات؛ فلكنة المطاط، مما يحسن مرونته ومتانته؛ وأكسدة البروبيلين، الذي ينتج الأكرولين وحمض الأكريليك، وهما من المواد الوسيطة المهمة لصنع البوليمرات والدهانات.
يستخدم الإثمد كمادة شبه موصلة في العديد من الأجهزة الإلكترونية، مثل الثنائيات والترانزستورات والليزر وأجهزة الكشف الضوئي. ويمكنه تكوين مركبات مع عناصر أخرى، مثل الزرنيخ أو الفوسفور أو النيتروجين، لتكوين مواد ذات فجوات نطاقية وخواص كهربائية مختلفة. على سبيل المثال، يُستخدم أنتيمونيد الغاليوم (GaSb) في كاشفات وبواعث الأشعة تحت الحمراء، بينما يُستخدم أنتيمونيد الإنديوم (InSb) في الترانزستورات وأجهزة الاستشعار عالية السرعة.
يستخدم الإثمد كدواء للبشر ودواء بيطري في بعض الحالات، مثل علاج داء الليشمانيات، وهو مرض طفيلي يصيب الجلد والأعضاء الداخلية؛ الوقاية من داء البلهارسيات، وهو مرض طفيلي يؤثر على الجهاز البولي والأمعاء؛ ومكافحة الكوكسيديا، وهو مرض طفيلي يصيب الدواجن والماشية. تُستخدم مركبات الإثمد، مثل طرطرات الإثمد أو غلوكونات الصوديوم الإثمد أو طرطرات بوتاسيوم الإثمد، كعوامل مضادة للأوالي (Antiprotozoal agents) تقتل أو تمنع نمو الطفيليات.
تحديات ومخاطر الإثمد
الإثمد هو مورد نادر وغير متجدد ويتم توزيعه بشكل غير متساو في جميع أنحاء العالم. وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، تقدر الاحتياطيات العالمية من الإثمد بنحو 2 مليون طن متري، وتمتلك الصين الحصة الأكبر بنسبة 60٪، تليها روسيا وطاجيكستان وبوليفيا وأستراليا. بلغ الإنتاج العالمي من الإثمد في عام 2020 (150 ألف طن متري)، تمثل الصين 76% منها، تليها روسيا وطاجيكستان وميانمار وأستراليا.
الإثمد هو عنصر سام ومسرطن يمكن أن يسبب مشاكل صحية مختلفة عند تعرضه لمستويات عالية أو لفترة طويلة. يمكن أن يدخل الإثمد إلى جسم الإنسان عن طريق الاستنشاق أو البلع أو ملامسة الجلد، ويمكن أن يتراكم في الرئتين والكبد والكليتين والعظام. يمكن أن يسبب الإثمد تهيجًا والتهابًا وتلفًا في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والقلب والأوعية الدموية والجهاز العصبي. يتداخل الإثمد أيضًا مع استقلاب الجلوكوز والدهون، وقد يسبب الإجهاد التأكسدي، وتلف الحمض النووي، وموت الخلايا المبرمج. كما يؤثر الإثمد أيضًا على الجهاز التناسلي والتنموي، ويمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة والجلد والبروستاتا.
اقرأ أيضًا: الزنجبيل منجم من الفوائد الصيحة، تعرف إليها
فوائد الإثمد الصحية
الإثمد معدن معروف منذ العصور القديمة. وغالبًا ما يستخدم في السبائك ومثبطات اللهب وأشباه الموصلات والعلاجات. ولكن هل تعلم أن للإثمد بعض الفوائد الصحية المدهشة؟ إليك التفاصيل:
1 -الإثمد وداء الليشمانيات
داء الليشمانيات هو مرض طفيلي يصيب ملايين الأشخاص حول العالم. وهو ناجم عن الأوليات التي تنتقل عن طريق ذبابة الرمل. يمكن أن يسبب داء الليشمانيات تقرحات جلدية، وحمى، وفقدان الوزن، وفقر الدم، وتلف الأعضاء. إذا تركت دون علاج، قد تكون قاتلة.
واحدة من أكثر العلاجات فعالية لداء الليشمانيات هي الأدوية المعتمدة على الإثمد، مثل ستيبوغلوكونات الصوديوم وأنتيمونيات الميغلومين. تعمل هذه الأدوية عن طريق تثبيط عملية التمثيل الغذائي للطفيلي والتدخل في تخليق الحمض النووي الخاص به. لقد تم استخدام الأدوية المعتمدة على الإثمد لعقود من الزمن لعلاج داء الليشمانيات وأنقذت أرواحًا لا تعد ولا تحصى.
ومع ذلك، فإن الأدوية القائمة على الإثمد لا تخلو من العيوب. يمكن أن تسبب آثارًا جانبية مثل الغثيان والقيء والصداع وتلف الكبد وتلف الكلى والتهاب البنكرياس. ويمكنها أيضًا تحفيز المقاومة لدى الطفيليات، مما يجعلها أقل فعالية بمرور الوقت. ولذلك، ينبغي استخدام الأدوية التي تحتوي على الإثمد بحذر وتحت إشراف طبي.
2 -الإثمد والسرطان
الإثمد هو معدن يشترك في بعض الخصائص الكيميائية والسمية مع الزرنيخ، وهو مادة مسرطنة معروفة. ومع ذلك، على عكس الزرنيخ، لم يتم ربط الإثمد بشكل قاطع بالسرطان لدى البشر. في الواقع، تشير بعض الدراسات إلى أن الإثمد قد يكون له تأثيرات مضادة للسرطان.
على سبيل المثال، دراسة أجراها تشانغ وآخرون. (2017) وجد أن ثالث أكسيد الإثمد، وهو مركب من الإثمد والأكسجين، يمكن أن يحفز موت الخلايا المبرمج (Apoptosis) في خلايا سرطان الدم البشرية. يمكن لثالث أكسيد الإثمد أيضًا أن يعزز فعالية أدوية العلاج الكيميائي مثل سيسبلاتين ودوكسوروبيسين. واقترحت الدراسة أن ثالث أكسيد الإثمد يمكن أن يكون علاجًا مساعدًا محتملًا لسرطان الدم.
دراسة أخرى أجراها لي وآخرون (2018) وجد أن ثالث أكسيد الإثمد يمنع نمو وغزو خلايا سرطان الثدي البشرية. يمكن لثالث أكسيد الإثمد أيضًا قمع التعبير عن الجينات والبروتينات التي تشارك في تطور الورم، مثل MMP-9، وVEGF، وNF-κB. اقترحت الدراسة أن ثالث أكسيد الإثمد يمكن أن يكون عاملًا جديدًا مضادًا للأورام في سرطان الثدي.
ومع ذلك، فإن هذه الدراسات أولية وهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث للتأكد من سلامة وفعالية ثالث أكسيد الإثمد في البشر. لم تتم الموافقة على ثالث أكسيد الإثمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية لعلاج السرطان ويجب عدم استخدامه بدون توجيه طبي.
3 -الإثمد ومستحضرات التجميل
استُخدم الإثمد كعنصر تجميلي منذ العصور القديمة. وكان يُطحَن ويُخلَط بالزيت أو الدهن لعمل الكحل، وهو كحل أسود يوضع على العيون. استُخدم الكحل في الطب العربي ومن قبل المصريين القدماء وبلاد ما بين النهرين والهنود والثقافات الأخرى لأغراض جمالية وطبية. وكان يُعتقد أن الكحل يحمي العيون من الالتهابات وأضرار أشعة الشمس والأرواح الشريرة.
واليوم، لا يزال الإثمد يستخدم في بعض مستحضرات التجميل، مثل ظلال العيون، والماسكارا، وطلاءات الأظافر. يضاف الإثمد كملون أو مادة حافظة أو مثبت. تعد مركبات الإثمد بشكل عام آمنة للاستخدام التجميلي، طالما أنها تتوافق مع لوائح ومعايير إدارة الغذاء والدواء.
ومع ذلك، قد يكون لدى بعض الأشخاص حساسية تجاه الإثمد ويعانون من ردود فعل سلبية مثل تهيج الجلد أو التهاب العين أو مشاكل في الجهاز التنفسي. لذلك، يُنصح باختبار المستحضر التجميلي على مساحة صغيرة من الجلد قبل استخدامه. إذا واجهت أي علامات حساسية أو تهيج، توقف عن استخدام المنتج واستشر الطبيب.
اقرأ أيضًا: الكمأة علاج طبي عشبي، اكتشف فوائدها الغنية
الإثمد والصحة: ملخص
الإثمد معدن له العديد من التطبيقات الصناعية والعلاجية. يمكن أن يكون له أيضًا بعض الفوائد الصحية المدهشة، مثل علاج داء الليشمانيات، وتثبيط الخلايا السرطانية، وتعزيز جمال العين. ومع ذلك، يمكن أن يكون للإثمد أيضًا بعض الآثار السلبية، مثل التسبب في آثار جانبية، وتحفيز المقاومة، وإثارة الحساسية. ولذلك، ينبغي استخدام الإثمد بحذر وتحت التوجيه الطبي. الإثمد معدن ذو طبيعة مزدوجة: يمكن أن يكون مفيدًا وضارًا، اعتمادًا على الجرعة والشكل والسياق.