اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي: أعراضه وأسبابه وعلاجه

اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي (PMDD) هو شكل حاد من متلازمة ما قبل الحيض (PMS) التي تؤثر على ما يصل إلى 8٪ من النساء الحائضات. ويسبب أعراضًا عاطفية وجسدية ومعرفية كبيرة تتداخل مع الأداء اليومي ونوعية الحياة. يمكن أن يزيد اضطراب ما قبل الحيض  الاكتئابيأيضًا من خطر الاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية. سنشرح في هذه المقالة ما هو اضطراب ما قبل الحيض، وأسبابه، وكيفية تشخيصه، وكيفية علاجه.

ما هو اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي وما هي أعراضه؟

اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي هو اضطراب مزاجي يحدث خلال المرحلة الأصفرية من الدورة الشهرية، وهو الوقت بين الإباضة وبداية الدورة الشهرية. تبدأ أعراض اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي عادة قبل أسبوع أو أسبوعين من الدورة الشهرية وتتحسن في غضون أيام قليلة بعد بدء الدورة الشهرية. تكون الأعراض ضئيلة أو غائبة في الأسبوع التالي للدورة.

يمكن تقسيم أعراض اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي إلى أربع فئات: النفسية والجسدية والسلوكية والاجتماعية.

أما الأعراض النفسية فتشمل:

الاكتئاب، القلق، التهيج، الغضب، تقلب المزاج، الحزن، اليأس، تدني احترام الذات، صعوبة في التركيز، الارتباك، النسيان، جنون العظمة.

تشمل الأعراض الجسدية ما يلي:

النفخة، طراوة الثدي، الصداع، الصداع النصفي، ألم عضلي، ألم المفاصل، التعب، الأرق، فرط النوم، الرغبة الشديدة في الطعام، الغثيان، القيء، الإمساك، الإسهال، حَبُّ الشّباب، الهبات الساخنة.

تشمل الأعراض السلوكية ما يلي:

فقدان الاهتمام بالأنشطة العادية، انخفاض الرغبة الجنسية، الاندفاع، العدوانية، الأذى الذاتي، تعاطي المخدرات.

تشمل الأعراض الاجتماعية ما يلي:

العزلة، الانسحاب، الصراع، ضعف الأداء في العمل أو المدرسة، ضعف العلاقات بين الأشخاص.

لكي يتم تشخيص اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي يجب أن يكون لدى المرأة خمسة من هذه الأعراض على الأقل، بما في ذلك واحد أو أكثر من الأعراض النفسية. يجب أن تسبب الأعراض ضائقة كبيرة أو ضعفًا في المجالات الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من مجالات الأداء المهمة. يجب أيضًا تأكيد الأعراض من خلال تصنيف الأعراض اليومية لدورتين حيضتين متتاليتين على الأقل.

اقرئي أيضاً: تسمم الحمل: ما هو وكيف يحدث وما أعراضه وعلاجه

ما الذي يسبب اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي ومن هو المعرض للخطر؟

السبب الدقيق لاضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي غير معروف، ولكن من المحتمل أن يكون مرتبطًا بالتغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الدورة الشهرية. قد يكون لدى بعض النساء استعداد وراثي أو حساسية أعلى لتأثيرات هرمون الإستروجين والبروجستيرون على الدماغ والجسم. وقد تؤثر هذه الهرمونات على مستويات السيروتونين، وهو ناقل عصبي ينظم المزاج والنوم والشهية والألم. كما انخفاض مستويات السيروتونين قد تساهم في ظهور أعراض اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي.

تتضمن بعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة باضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي ما يلي:

1 -التاريخ العائلي للإصابة بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية أو اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي.

2 -التاريخ الشخصي أو العائلي للإصابة بالاكتئاب، أو القلق، أو اضطرابات المزاج الأخرى.

3 -تاريخ الصدمة أو سوء المعاملة أو العنف.

4 –التدخين.

5 –الضغط.

6 –البدانة.

7 –سوء التغذية.

8 -عدم ممارسة الرياضة.

9 -قلة ضوء الشمس.

اقرئي أيضًا: العدوى الفطرية المهبلية

كيف يتم تشخيص وعلاج اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي؟

يمكن تشخيص اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي من قبل مقدم الرعاية الصحية الذي يمكنه استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى للأعراض، مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو فقر الدم أو انقطاع الطمث. يعتمد التشخيص على معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، والذي يتطلب تقييمات يومية للأعراض لدورتين شهريتين على الأقل. قد يسأل مقدم الرعاية الصحية أيضًا عن التاريخ الطبي وتاريخ العائلة ونمط الحياة والدورة الشهرية للمريض.

يمكن علاج اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي بمزيج من الأدوية والاستشارة وتغيير نمط الحياة. تشمل خيارات العلاج ما يلي:

1 -الأدوية: بعض الأدوية التي تساعد في تقليل أعراض اضطراب ما قبل الحيض هي:

• مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs): وهي مضادات الاكتئاب التي تزيد من مستويات السيروتونين في الدماغ. تساهم في تحسين المزاج والقلق والتهيج والأعراض الجسدية. ومن أمثلة مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية فلوكستين، وسيرترالين، وباروكستين، وسيتالوبرام.
• وسائل منع الحمل عن طريق الفم: هي حبوب منع الحمل التي تحتوي على هرمون الإستروجين والبروجستين الاصطناعي. يمكنها تنظيم التقلبات الهرمونية ومنع الإباضة، مما قد يقلل من شدة اضطراب ما قبل الحيض. بعض وسائل منع الحمل عن طريق الفم التي تمت الموافقة عليها لعلاج اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي هي دروسبيرينون / إيثينيل استراديول وليفونورجيستريل / إيثينيل استراديول.
• نظائر الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية (GnRH): وهي الحقن التي تمنع إنتاج هرمون الإستروجين والبروجستيرون بواسطة المبيضين. يمكن أن تحفز حالة مؤقتة تشبه انقطاع الطمث، والتي قد تقضي على أعراض اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي. ومع ذلك، فإنها يمكن أن تسبب أيضًا آثارًا جانبية مثل الهبات الساخنة، وفقدان العظام، وجفاف المهبل. من أمثلة نظائر الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية: ليبروليد، غوسيريلين.

اقرئي أيضًا: تكيس المبايض: أعراضه وتشخيصه ومضاعفاته

2 -أدوية أخرى: تشمل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) لتخفيف الألم، ومدرات البول لاحتباس السوائل، وحاصرات بيتا للصداع النصفي، والمكملات الغذائية مثل فيتامين ب6 والكالسيوم والمغنيسيوم والزنك.

3 –العلاج بالاستشارة: بعض أشكال الاستشارة التي يمكن أن تساعد في التغلب على الأعراض العاطفية والمعرفية لاضطراب ما قبل الحيض هي:

• العلاج السلوكي المعرفي (CBT): وهو نوع من العلاج النفسي يساعد في تحديد وتحدي الأفكار والسلوكيات السلبية التي تساهم في ظهور أعراض اضطراب ما قبل الحيض. كما أنه يعلم مهارات التأقلم وتقنيات الاسترخاء لإدارة التوتر والعواطف.
• العلاج الشخصي (IPT): يركز هذا العلاج على تحسين العلاقات الشخصية والدعم الاجتماعي للمريض. كما أنه يساعد في حل النزاعات ومشاكل الاتصال التي قد تؤدي إلى تفاقم أعراض اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي.
• العلاج الجماعي: يتضمن الاجتماع مع نساء أخريات يعانين من اضطراب ما قبل الحيض ومشاركة الخبرات والمشاعر والإستراتيجيات. يمكن أن يوفر الدعم العاطفي ويقلل من الشعور بالعزلة والوصم.

اقرئي أيضًا: كيف يحدث الإجهاض وما هي أسبابه وعلاماته؟

4 -تغييرات نمط الحياة: بعض تغييرات نمط الحياة التي يمكن أن تساعد في منع أو تقليل أعراض اضطراب ما قبل الحيض هي:

• التمرين: النشاط البدني المنتظم يمكن أن يحسن المزاج والطاقة والنوم والصحة البدنية. ويمكنه أيضًا إطلاق الإندورفين، وهو مسكن طبيعي للألم ومحسن للمزاج. اهدفي إلى ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة لمدة 30 دقيقة على الأقل، مثل المشي أو الركض أو ركوب الدراجات أو السباحة، ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع.
• النظام الغذائي: إن تناول نظام غذائي متوازن ومغذي يساعد في الحفاظ على التوازن الهرموني وتوفير الفيتامينات والمعادن الأساسية للجسم والدماغ. تجنبي الأطعمة التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أعراض اضطراب ما قبل الحيض، مثل الكافيين والكحول والسكر والملح والأطعمة المصنعة. تناولي المزيد من الأطعمة التي يمكن أن تحسن أعراض اضطراب ما قبل الحيض، مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والبروتين الخالي من الدهون والدهون الصحية.
• النوم: الحصول على قسط كافٍ من النوم يمكن أن يساعد في تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية والدورة الهرمونية. ويمكنه أيضًا تحسين المزاج والتركيز والذاكرة. اهدفي إلى الحصول على ما لا يقل عن سبع إلى ثماني ساعات من النوم الجيد كل ليلة. تجنبي الكافيين والكحول والنيكوتين والشاشات قبل النوم. حافظي على جدول نوم منتظم وخلق بيئة نوم مريحة ومظلمة.
• ضوء الشمس: التعرض لأشعة الشمس الطبيعية يمكن أن يساعد في تعزيز مستويات السيروتونين والمزاج. يمكن أن يساعد أيضًا في تنظيم مستويات الميلاتونين ودورة النوم. حاولي الحصول على ما لا يقل عن 15 دقيقة من ضوء الشمس كل يوم، ويفضل أن يكون ذلك في الصباح. إذا كنتِ تعيشين في مكان به ضوء شمس محدود، يمكنكِ استخدام جهاز العلاج بالضوء الذي يحاكي الضوء الطبيعي.
• ضبط الإجهاد: يؤدي الإجهاد إلى ظهور أعراض اضطراب ما قبل الحيض أو تفاقمها. ويمكن أن يؤثر أيضًا على جهاز المناعة والصحة العامة. لذلك، من المهم إيجاد طرق صحية للتعامل مع التوتر، مثل التأمل أو اليوغا أو تمارين التنفس أو الهوايات أو الموسيقى أو قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة.

اقرئي أيضًا: الحلقة المهبلية: طريقة لمنع الحمل قصيرة المفعول

خاتمة

اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي هي حالة خطيرة ومزمنة تؤثر على العديد من النساء في سن الإنجاب. يمكن أن يسبب أعراضًا عاطفية وجسدية ومعرفية شديدة تتداخل مع الأداء اليومي ونوعية الحياة. يمكن أن يزيد اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي أيضًا من خطر الاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية. ومع ذلك، يمكن تشخيص اضطراب ما قبل الحيض وعلاجه بمزيج من الأدوية والاستشارة وتغيير نمط الحياة. إذا كنتِ تعتقدين أنكِ تعانين من اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي، فلا تترددي في طلب المساعدة والدعم الطبي. أنتِ لستِ وحدكِ، ويمكنكِ التغلب على هذا الاضطراب.